بَابُ أَخْلَاقِ الْمُقْرِئِ إِذَا جَلَسَ يُقْرِئُ وَيُلَقِّنُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَاذَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَخَلَّقَ بِهِ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: يَنْبَغِي لِمَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ كِتَابَهُ، فَأَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ فِي الْمَسْجِدِ، يُقْرِئُ الْقُرْآنَ لِلَّهِ، يَغْتَنِمُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مِنَ الْأَخْلَاقِ الشَّرِيفَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ وَصِدْقِهِ، وَهُوَ أَنْ يَتَوَاضَعَ فِي نَفْسِهِ إِذَا جَلَسَ فِي مَجْلِسِهِ، وَلَا يَتَعَاظَمَ فِي نَفْسِهِ، وَأُحِبُّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِي مَجْلِسِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ» (١). وَيَتَوَاضَعَ لِمَنْ يُلَقِّنُهُ الْقُرْآنَ، وَيُقْبِلَ عَلَيْهِ إِقْبَالًا جَمِيلًا وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ يُلَقِّنُهُ مَا يَصْلُحُ لِمِثْلِهِ، إِذَا كَانَ يَتَلَقَّنُ عَلَيْهِ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْحَدَثُ، وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَفِّيَ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَيَعْتَقِدَ الْإِنْصَافَ إِنْ كَانَ يُرِيدُ اللَّهَ بِتَلْقِينِهِ الْقُرْآنَ: فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَرِّبَ الْغَنِيَّ وَيُبْعِدَ الْفَقِيرَ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْفُقَ بِالْغَنِيِّ وَيَحْذِقَ بِالْفَقِيرِ، فَإِنْ فَعَلَ هَذَا فَقَدْ جَارَ فِي فِعْلِهِ، فَحُكْمُهُ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْذَرَ عَلَى نَفْسِهِ التَّوَاضُعَ لِلْغَنِيِّ وَالتَّكَبُّرَ عَلَى الْفَقِيرِ، بَلْ يَكُونُ مُتَوَاضِعًا لِلْفَقِيرِ، مُقَرِّبًا لِمَجْلِسِهِ مُتَعَطِّفًا عَلَيْهِ، يَتَحَبَّبُ إِلَى اللَّهِ بِذَلِكَ

(١) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: قال الشيخ أبو محمد الألفي:
ضَعِيفٌ جِدَّاً. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ «الزُّهْدُ» (ص٢٩٥)، والْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ (١٠٧٠. بُغْيَةُ الْحَارِثِ)، وَابْنُ سَعْدٍ «الطَّبَقَاتُ» (٥/٣٧٠)، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (٦٧٥)، وَالطَّبَرِيُّ
«تَهْذِيبُ الآثَارِ» (٧٧٦)، وَابْنُ عَدِيٍّ «الْكَامِلُ» (٧/١٠٦)، والْحَاكِمُ (٤/٣٠١)، وَالْقُضَاعِيُّ «مُسْنَدُ الشِّهَابِ» (١٠٢٠)، وَالْخَطِيبُ «الْجَامِعُ لأَخْلاقِ الرَّاوِي» (٢/٦١)، وَالسَّمْعَانِيُّ «أَدَبُ الإِمْلاءِ» (ص٤٤) مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: عَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ عَلَيْنَا عَامِلٌ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ شَابٌ غَلِيظُ الْبُضْعَةِ مُمْتَلِىءُ الْجَسْمِ، فَذَكَرَ حَدِيثَاً طَوِيلاً، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَعِدْ عَلِيَّ حَدِيثَاً كُنْتَ حَدَّثْتَنِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ كَعْبٍ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شَرَفَاً، وَإِنَّ أَشْرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ».
قُلْتُ: وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ بِمَرَّةٍ. آفَتُهُ هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ أبُو الْمِقْدَامِ البصرِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْجُنَيْدِ وَالأَزْدَيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.

٤٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: نا إِسْحَقُ بْنُ الْجَرَّاحِ الْأَذَنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ لَنَا نَبَّأَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: أنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: -[١١٢]- ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ [لقمان: ١٨]، قَالَ: يَكُونُ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ عِنْدَكَ فِي الْعِلْمِ سَوَاءً "


الصفحة التالية
Icon