بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمةالحمد لله القائل ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ والصلاة والسلام على من قيل له ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ صلى الله وسلم وبارك على نبي الهدى ومصباح الدجى محمد الذي أنار الله به السبل وألف بين مناهجها حتى صارت سبيلا واحدا يدعو إلى الله على بصيرة هو ومن اتبعه. ورضي الله عن السائرين في سبيل الحق هداة مهتدين بنور القرآن، مستمسكين بعروته الوثقى التي لا تفصمها هجمة هوى، ولا تغادر عنها بثبوت الحق زعزعة النفس ضلالا وغواية رضي الله عن أولئك الذين استعملهم في سبيل القرآن حَفَظَة لرايته، واستنطق بهم ما طواه العداء للقرآن من أعدائه، فراح الكرام العالمون يسلون سيوف البيان والإفصاح عن براهين تَبايُنِ كلام الله عن كلام الخلق. أسكنهم الله فسيح جناته لقاء ما أفسحوا من مجالات الدراسة، وجزاء ما أسهموا به من ضروب الكياسة، وكل هذا يمثل مظهرا من مظاهر معنى قوله تعالى ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾
أما بعد:
فكل كتاب يَرِثُّ كلامُه بكثرة البحث فيه، وتنضو الأفكار منه وينضب عطاؤه إلا القرآن الكريم، فإنه كلما قرأته ألفيت نفسك غير التي كانت بالأمس تقرأ، فالقرآن هو هو، وما تَلَقَّاه قارئه اليوم غير ما فتح عليه منه بالأمس، فإنك لا تجد واحدا من الكتب غير القرآن يعطيك هذا، يؤتيك كل