تمهيد
يحاول المستشرقون دائما أن يثبتوا أن القرآن من وضع البشر، وبخاصة تأليف محمد صلى الله عليه وسلم. وموقفهم هذا من القرآن ليس بشيء جديد، بل هو في الحقيقة لا يختلف عن موقف مشركي مكة الذين بلّغهم الرسول رسالته والوحي القرآني مباشرة. فكانوا قد زعموا أن القرآن ما هو إلا قول البشر، أو أنّ صاحبهم "الأمين" و"الأمي" قد أصبح شاعرا أو ساحرا مجنونا، أو أن بشراً آخر علمه القرآن، والآيات القرآنية ليست إلا ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ (الفرقان: ٥).
ويرد القرآن على جميع هذه المزاعم ردا قاطعاً وذلك بطرق سبعة رئيسة، هي:
١- يقول الله تعالى إن القرآن ليس بقول البشر، وما هو بقول شاعر، ولا بقول كاهن ﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ﴾ (يس: ٦٩).
٢- ويكرر الله بكل صراحة في القرآن أنه هو الذي نزل القرآن على عبده ليكون للعلمين نذيرا، وإنه تنزيل من رب العالمين، بلسان عربي مبين (١).
٣- كما يأمر الله رسوله ﷺ قائلاً ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ (القيامة: ١٦). هذه المجموعة من

(١) انظر القرآن ٢٥: ١، ٢٦: ١٩٢، ١٩٥.


الصفحة التالية
Icon