الموضوع الأول: أماكن النزول وأزمنته وأحواله
أ- المكى والمدني:
معرفة ذلك من المهمات للوقوف على التاريخ الذي به يتميز الناسخ١ من المنسوخ عند التعارض، والذي يمكن به معرفة تقييد المطلق وتخصيص العام٢ عند مَن يرى جواز تأخير المخصص. وللناس للتمييز بين المكي والمدني أقوال؛ فمنهم من يجعل الفاصل الهجرة٣، ونظرة هذا زمنية، فما نزل قبلها فهو مكي، وما نزل بعدها فهو مدني وإن نزل في مكة.
ومنهم مَن نظرته مكانية، فما نزل بعيدًا عن مكة والمدينة وضواحيهما لا يعد مكيًّا ولا مدنيًّا؛ كالنازل في تبوك.
ومنهم مَن نظرته حالية، فخطاب أهل مكة له سماته، ولأهل المدينة خطاب يغاير خطاب أهل مكة.
والمتفق على نزوله بالمدينة عشرون سورة، والمختلَف في نزوله بمكة أو المدينة بعض السور، وما عدا ما اتفق على نزوله بالمدينة وما اختلف فيه قد نزل بمكة. وقد نظم بعض الناس ما اتفق على نزوله بالمدينة وما اختلف فيه فقال:

تعارض النقل في أم الكتاب وقد تؤولت حجر تنبيهًا لمعتبر
أم القرآن وفي أم القرى نزلت ما كان للخمس قبل الحمد من أثر
١ سيعرف المؤلف النسخ في الموضوع الخامس "النسخ وموهم الاختلاف" ص٧٨.
٢ سيتعرض المؤلف لبيان المطلق والعام والتخصيص والتقييد في مبحث اللفظ القرآني.
٣ هذا هو أشهر الاصطلاحات في المكي والمدني، كما ذكر السيوطي في "الإتقان" ١/ ٩، ويمتاز بشمول تقسيمه جميع القرآن لا يخرج عنه شيء.


الصفحة التالية
Icon