اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَوْا مِثْلَهُ عَنْ عَائِشَةَ، وَمِمَّا لَا مَجَالَ لِلْخِلَافِ فِيهِ أَنَّ الْهِجْرَةَ تَجِبُ دَائِمًا بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ كَمَا يَجِبُ السَّفَرُ لِأَجْلِ الْجِهَادِ إِذَا تَحَقَّقَ سَبَبُهُ، وَأَقْوَى مُوجِبَاتِهِ اعْتِدَاءُ الْكُفَّارِ عَلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتِيلَاؤُهُمْ عَلَيْهَا.
وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً
وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا.
صَلَاةُ السَّفَرِ وَالْخَوْفِ
السِّيَاقُ فِي أَحْكَامِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَجَاءَ فِيهِ حُكْمُ الْهِجْرَةِ، وَالصَّلَاةُ فَرْضٌ لَازِمٌ فِي كُلِّ حَالٍ لَا يَسْقُطُ فِي وَقْتِ الْقِتَالِ، وَلَا فِي أَثْنَاءِ الْهِجْرَةِ وَلَا غَيْرِ الْهِجْرَةِ مِنْ أَيَّامِ السَّفَرِ، وَلَكِنْ قَدْ تَتَعَذَّرُ أَوْ تَتَعَسَّرُ فِي السَّفَرِ وَحَالِ الْحَرْبِ إِقَامَتُهَا فُرَادَى وَجَمَاعَةً كَمَا أَمَرَ اللهُ - تَعَالَى -