المبحث الثاني: نشأة التجويد
نشأ التجويد على وجه التحديد منذ الوهلة الأولى التي نزل فيها القرآن الكريم على قلب سيد الأولين والآخرين نبينا محمد ﷺ في قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَم الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ علم عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾. ١
هذه الآيات قرأها جبريل على رسول الله ﷺ مرتلة، فحفظها رسول الله ﷺ على تلك الكيفية التي تلقاها بها وأداها كما سمعها.
يشهد لذلك ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا فجعل جبريل عليه السلام ينزل على النبي ﷺ يرتله ترتيلاً). ٢
فقوله: يرتله ترتيلاً هذا اللفظ يحتمل كل ما يرد فيه من معان فيحتمل نزوله على مكث وتمهل، ويحتمل بيان حروفه وحركاته، وإعطاء كل حرف منه حقه ومستحقه.
ولقائل أن يقول: إذا كان القرآن نزل بادئ ذي بدء مرتلاً مجوداً وقرأه الرسول ﷺ كما أنزل فما معنى أمر الله لرسوله بالترتيل في آية المزمل ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ ٣ وهي متأخرة النزول عن آيات سورة العلق السابقة.
٢ المستدرك للحاكم وقال صحيح الإسناد وأقره الذهبي: ٢/٢٢٣
٣ سورة المزمل آية: ٤