تفسير سورة الضحى
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾
﴿وَالضُّحَى * وَالَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَللآخرة خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الاُْولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾.
البسملة تقدم الكلام عليها.
﴿والضحى﴾ ﴿الضحى﴾ هو أول النهار، وفيه النور والضياء ﴿والليل إذا سجى﴾ أي: الليل إذا غطى الأرض وسدل عليها ظلامه، فأقسم الله تعالى بشيئين متباينين أولهما: الضحى إذا إنتشر وملأ الأرض ضياءً ونوراً، والثاني: الليل إذا يغشى وفيه الظلمة. ﴿ما ودعك ربك﴾ أي ما تركك وأهملك ﴿وما قلى﴾ أي: وما أبغض، بل أحب الخلق إليه فيما نعلم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكلن رسول الله ﷺ الخليلين الذين إختصا بهذه الصفة العظيمة وهي الخلة، والخلة أعلى أنواع المحبة، وليس من عباد الله فيما نعلم من هو خليل الله إلا إبراهيم ومحمد عليها الصلاة والسلام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلاًً) (١) ولهذا اختاره الله لأعظم الرسالات، وأفضل الأمم، وجعله خاتم النبيين، فلا نبي بعده صلى الله عليه وآله وسلم، يقول عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلّم: ﴿واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا﴾ [الطور: ٤٨]. فعين الله تعالى تكلأه وترعاه وتحميه وتحفظه وهو الذي قال له صلى الله عليه وعلى آله وسلم ﴿الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين﴾ [الشعراء: ٢١٨-٢١٩]. فما تركه الله عز وجل بل أحاطه بعلمه، ورحمته، وعنايته وغير ذلك مما يقتضي رفعته في الدنيا والآخرة. كما قال في السورة التي تليها: ﴿ورفعنا لك ذكرك﴾. [الشرح: ٤].
{وللآخرة خير
_________
(١) أخرجه مسلم كتاب المساجد (٥٣٢).


الصفحة التالية
Icon