تفسير سورة الإنسان
إحدى وثلاثون آية، مدنية.
١٢٦٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزَّاهِدُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَطَرٍ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ قَرَأَ سُورَةَ هَلْ أَتَى كَانَ جَزَاؤُهُ عَلَى اللَّهِ جَنَّةً وَحَرِيرًا».
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا {١﴾ إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴿٢﴾ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴿٣﴾ } [الإنسان: ١-٣].
هل أتى قال المفسرون، وأهل المعاني: قد أتى، فهل ههنا خبر، وليس باستفهام.
على الإنسان يعني: آدم، ﴿حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾ [الإنسان: ١] قدر أربعين سنة، ﴿لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١] لا في السماء، ولا في الأرض، يعني: أنه كان جسدًا ملقى من طين، قبل أن ينفخ فيه الروح، قال عطاء، عن ابن عباس: إنما تم خلقه بعد عشرين ومائة سنة.
وسمع عمر بن الخطاب رجلًا يقرأ هذه الآية، فقال: ليت ذلك تم.
يعني: ليته بقي على ما كان عليه.
فكان لا يلد، ولا يبتلى بأولاده.
﴿إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ﴾ [الإنسان: ٢] يعني: ولد آدم، ﴿مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾ [الإنسان: ٢] أخلاط، وأحدها: مشج، وهو شيئان مخلوطان، يعني: اختلاط نطفة الرجل بنطفة المرأة، أحدهما أبيض والآخر أصفر، فما كان من عصب، وعظم، وقوة، فمن نطفة الرجل، وما كان من لحم، ودم، وشعر، فمن ماء المرأة، وتم الكلام، ثم قال: ﴿نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [الإنسان: ٢] قال الفراء: المعنى: جعلناه سميعًا بصيرًا لنبتليه.
ذكر أنه أعطاه ما يصح معه الابتلاء، وهو السمع والبصر.
قوله: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ [الإنسان: ٣] قال عطاء: بينا له سبيل الهدى.
﴿إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان: ٣] إما موحدًا طائعًا لله، وإما مشركًا بالله في عمله، والمعنى: أنه بين له سبيل التوحيد