سورة البقرة
مدنية، مائتان وست وثمانون آية، ستة آلاف ومائة وأربع وأربعون كلمة، ستة وعشرون ألفا ومائتان وواحد وخمسون حرفا
الم (١) قال الشعبي وجماعة: الم وسائر حروف الهجاء في أوائل السور من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه، وهي سر القرآن فنحن نؤمن بظاهرها ونفوّض العلم فيها إلى الله تعالى، وفائدة ذكرها طلب الإيمان بها، والله تعالى اختص بعلم لا تقدر عليه عقول الأنبياء، والأنبياء اختصوا بعلم لا تقدر عليه عقول العلماء، والعلماء اختصوا بعلم لا تقدر عليه عقول العامة. وقال أبو بكر رضي الله عنه: في كل كتاب سر، وسر الله في القرآن أوائل السور. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ أي هذا الكتاب الذي يقرؤه عليكم رسولي محمد لا شك في أنه من عندي، فإن آمنتم به هديتكم، وإن لم تؤمنوا به عذبتكم. هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) أي رحمة لأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ أي يصدقون بما غاب عنهم من الجنة والنار، والصراط والميزان، والبعث والحساب وغير ذلك.
وقيل: المراد بالغيب القلب. والمعنى يؤمنون بقلوبهم لا كالذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم. وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ أي يتمون الصلوات الخمس بالشروط والأركان والهيئات.
وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أي مما أعطيناهم من الأموال يتصدقون لطاعة الله تعالى وهو أبو بكر الصديق وأصحابه. وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ من القرآن وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ على سائر الأنبياء من التوراة والإنجيل والزبور وغيرها من سائر الكتب السابقة على القرآن وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أي وهم يصدقون بما في الآخرة من البعث بعد الموت والحساب ونعيم الجنة وهو عبد الله بن سلام وأصحابه. أُولئِكَ أي أهل هذه الصفة عَلى هُدىً أي كرامة نزل مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) أي الناجون من السخط والعذاب وهم أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦) أي الذين كفروا في علم الله متساو لديهم إنذارك إياهم بالقرآن وعدمه وهم لا يريدون أن يؤمنوا بما جئت به فلا تطمع يا أشرف الخلق في إيمانهم، ثم ذكر الله سبب تركهم الإيمان بقوله تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ أي طبع الله على قلوبهم فلا يدخلها إيمان وعلى سمعهم فلا ينتفعون بما يسمعونه