سورة النازعات
مكية. خمس وأربعون آية، مائة وثلاث وسبعون كلمة وتسعمائة وثلاثة وخمسون حرفا
وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) أي والملائكة الذين ينزعون روح الكافر من جسده من تحت كل شعرة، ومن تحت الأظافر، وأصول القدمين كما ينزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبتل، فتخرج نفس الكافر كالغريق في الماء. وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢) أي والملائكة التي تحل نفس المؤمن حلا رفيقا، فتقبضها كما ينشط العقال من يد البعير، وتنشط روح المؤمن بالخروج إلى الجنة. وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣) أي والملائكة الذين ينزعون نفس الصالح يسلونها سلا رفيقا رويدا، ثم يتركونها حتى تستريح، ثم يستخرجونها بعد ذلك برفق ولطافة لئلا يصل إليه ألم وشدة، فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤) أي والملائكة الذين يسبقون بأرواح المؤمنين إلى الجنة، وبأرواح الكافرين إلى النار، فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥)، أي فالملائكة الذين يدبرون أمور العباد، قال عبد الرحمن بن سابط: يدبر الأمر في الدنيا أربعة من الملائكة: جبريل، وميكائيل، وملك الموت، وإسرافيل.
فأما جبريل: فهو موكل بالرياح والجنود.
وأما ميكائيل: فهو موكل بالقطر والنبات.
وأما عزرائيل: فهو موكل بقبض الأرواح.
وأما إسرافيل: فهو ينزل عليهم بالأمر من الله تعالى وليس في الملائكة أقرب منه. يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) و «يوم» منصوب بجواب القسم المضمر، أي لتبعثن يا كفار مكة يوم تتحرك النفخة الأولى مع ظهور الصوت، وسميت النفخة: بالراجفة، لأن الدنيا تتزلزل عندها وتصوت فإن تلك النفخة هي المحركة لكل شيء، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧) أي النفخة الثانية والرادفة: رجفة أخرى تتبع الأولى، فتضطرب الأرض لإحياء الموتى، كما اضطربت في الأولى لموت الإحياء.
ويروى عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن بين النفختين أربعين عاما، ويروى أن في هذه الأربعين يمطر الله الأرض ويصير ذلك الماء عليها كالنطف، وأن ذلك كالسبب للإحياء، ولله أن يفعل ما يشاء