سورة والليل
مكية، إحدى وعشرون آية، إحدى وسبعون كلمة، ثلاثمائة وعشرون حرفا، قال القفال رحمه الله: نزلت هذه السورة في أبي بكر وإنفاقه على المسلمين وفي أمية ابن خلف وبخله وكفره بالله، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) أي حين يغشى الشمس وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) أي ظهر بزوال ظلمة الليل وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) أي والذي خلق صنفي الذكر والأنثى من كل ما له توالد. قرأ النبي صلّى الله عليه وسلّم «والذكر والأنثى»، وقرأ ابن مسعود «والذي خلق الذكر والأنثى»، وعن الكسائي «وما خلق الذكر» بالجر والمعنى: وما خلقه الله تعالى أي ومخلوق الله، ثم يجعل الذكر بدلا منه أي ومخلوق الله الذكر والأنثى. إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) أي أن عملكم لمختلف في الجزاء لأن بعضه ضلال يوجب النيران وبعضه هدى يوجب الجنان، فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) أي فأما من أعطى من ماله في سبيل الله واجتنب المحارم وصدق بالشرائع فسنهيئه للخصلة التي تؤدي إلى راحة، كدخول الجنة، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠) أي وأما من بخل بماله فلم يبذله في سبيل الخير واستغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة، وكذب بعدة الله من الخلف الحسن، فسنهيئه للخصلة المؤدية إلى الشدة كدخول النار،
وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١) أي ولا ينفعه ماله الذي جمعه في الدنيا إذا مات، أو أي شيء ينفعه ماله الذي بخل به، ولم يصحبه معه إلى آخرته إذا سقط في حفرة قبر أو في جهنم. إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) أي إن الذي يجب علينا في الحكمة إذ خلقنا الخلق للعبادة أن نبين لهم وجوه التعبد فقد فعلنا ما كان فعله واجبا علينا في الحكمة، وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣) أي إن لنا ملك الدارين نعطي من نشاء ما نشاء فمن طلبهما من غيرنا فقد أخطأ الطريق فليطلب سعادتهما منا فَأَنْذَرْتُكُمْ أي خوفتكم يا أهل مكة ناراً
تَلَظَّى
(١٤) أي تتوقد.
وقرئ شاذا بالتاءين لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) أي لا يدخلها دخولا لازما مؤبدا إلا الكافر الذي هو شقي لأنه كذب بآيات الله، وأعرض عن طاعة الله. قال ابن عباس:
نزلت هذه الآية في أمية بن خلف، وأمثاله الذين كذبوا محمدا والأنبياء قبله وَسَيُجَنَّبُهَا