الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ. وَقِيلَ: الْوَجْهُ هُنَا صِلَةٌ، وَالْمَعْنَى فَثَمَّ اللَّهُ أَيْ عِلْمُهُ وَحُكْمُهُ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ومقاتل: أو عَبَّرَ عَنِ الذَّاتِ بِالْوَجْهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ «١»، كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «٢»، وَقِيلَ: الْمَعْنَى الْعَمَلُ لِلَّهِ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ، قَالَ:
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ذَنْبًا لست محصيه | رَبُّ الْعِبَادِ إِلَيْهِ الْوَجْهُ وَالْعَمَلُ |
فَالْوُقُوفُ مَعَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى التَّجْسِيمِ غَبَاوَةٌ وَجَهْلٌ بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَأَنْحَائِهَا وَمُتَصَرِّفَاتِهِا فِي كَلَامِهَا، وَحُجَجِ الْعُقُولِ الَّتِي مَرْجِعُ حَمْلِ الْأَلْفَاظِ الْمُشْكِلَةِ إِلَيْهَا. وَنَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَكُونَ كَالْكَرَّامِيَّةِ، وَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ فِي إِثْبَاتِ التَّجْسِيمِ وَنِسْبَةِ الْأَعْضَاءِ لِلَّهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الْمُفْتَرُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وفي قوله: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ:
إِنَّهُ فِي حَيِّزٍ وَجِهَةٍ، لِأَنَّهُ لَمَّا خُيِّرَ فِي اسْتِقْبَالِ جَمِيعِ الْجِهَاتِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي جِهَةٍ وَلَا حَيِّزٍ، وَلَوْ كَانَ فِي حَيِّزٍ لَكَانَ اسْتِقْبَالُهُ وَالتَّوَجُّهُ إِلَيْهِ أَحَقَّ مِنْ جَمِيعِ الْأَمَاكِنِ. فَحَيْثُ لَمْ يُخَصِّصْ مَكَانًا، عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا فِي جِهَةٍ وَلَا حَيِّزٍ، بَلْ جَمِيعُ الْجِهَاتِ فِي مُلْكِهِ وَتَحْتَ مُلْكِهِ، فَأَيُّ جِهَةٍ تَوَجَّهْنَا إِلَيْهِ فِيهَا عَلَى وَجْهِ الْخُضُوعِ كُنَّا مُعَظِّمِينَ لَهُ مُمْتَثِلِينَ لِأَمْرِهِ.
إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ: وَصَفَ تَعَالَى نَفْسَهُ بِصِفَةِ الْوَاسِعِ، فَقِيلَ ذَلِكَ لِسَعَةِ مَغْفِرَتِهِ.
وَجَاءَ: إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ «٣»، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْكَلْبِيِّ: لَا يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ. وقيل:
(١) سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٧.
(٢) سورة القصص: ٢٨/ ٨٨.
(٣) سورة النجم: ٥٣/ ٣٢.
(٢) سورة القصص: ٢٨/ ٨٨.
(٣) سورة النجم: ٥٣/ ٣٢.