ولا أثر له إلا فى عبوس وجوههم، وبذاذة ألسنتهم، وضياع أوقاتهم فى اللهو والبطالة، ويرجعوا إلى الحق من دينهم، فيقيموا الصلاة، ويحيوا صورتها بالخشوع للعلىّ الأعلى فلا يخرجون من الصلاة إلا وهم ذاكرون أنهم عبيد لله يلتمسون رضاه فى رعاية حقوقه بما يراه، ويجعلوا من الصوم مؤدبا للشهوة، ومهذّبا للرغبة، رادعا للنفس عن الأثرة، فلا يكون فى صومهم إلا الخير لأنفسهم ولقومهم، ثم يؤدون الزكاة المفروضة عليهم، ولا يبخلون بالمعونة فيما ينفع الخاصة والعامة اهـ والله أعلم:
سورة الكوثر
هى مكية وآياتها ثلاث، نزلت بعد سورة العاديات.
ومناسبتها لما قبلها- أنه وصف فى الأولى الذي يكذب بالدين بأمور أربع:
البخل. الإعراض عن الصلاة. الرياء. منع المعونة- وهنا وصف ما منحه رسوله ﷺ من الخير والبركة، فذكر أنه أعطاه الكوثر وهو الخير الكثير، والحرص على الصلاة ودوامها، والإخلاص فيها والتصدّق على الفقراء.
أسباب نزول هذه السورة
كان المشركون من أهل مكة والمنافقون من أهل المدينة يعيبون النبي ﷺ ويلمزونه بأمور:
(١) أنه إنما اتبعه الضعفاء ولم يتبعه السادة الكبراء، ولو كان ما جاء به الدين صحيحا لكان أنصاره من ذوى الرأى والمكانة بين عشائرهم، وهم ليسوا ببدع فى هذه المقالة، فقد قال قوم نوح له فيما قصه الله علينا: «وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ».


الصفحة التالية
Icon