(باب)
القولِ في تفسير معنى القراءاتِ السبعِ التي أنزل الله جل وعز القرآن بها
فإن قال قائل: فما هذه الأحرف السبعة، وما تأويلُها وحسنُ الاختيار
فيها، قيل له: هي في الأصلِ على أربعة أضْرُب، فثلاثة منها مرويّ تفسيرُها
عن النبي - ﷺ - وبعض التابعين، والضربُ الرابعُ ثابت عن النبي - ﷺ - وإن لم يكن نصَّ في تفسيرها، وقد اختلف الناس في تأويلِه اختلافا سنذكره فيما بعدُ إن شاء الله، ونَصِفُ ما نختارُه ونقيمُ الدّليلَ على صحتِه، وحرفان من
الأحرفِ الثلاثة المرويِّ تفسيرُها قد وردَ تفسيرها عن النبي - ﷺ - من ذلك فهو ما قدّمنا ذكرَه من قوله - ﷺ -: "إن الكتابَ الأوّلَ أنزِل من بابٍ واحد، وكان على حرفٍ واحد، وأنزلَ القرآن من سبعةِ أبوابٍ على سبعة أحرف: نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابهٌ وأمثال، فأحلّوا حلالَه وحرِّموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عمّا نُهيتم عنه، واعتبِروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا".
فهذا نص منه على تفسيرِ هذه السبعةِ الأحرف بما يمنعُ ويحظرُ من زيادةٍ
عليها ونقصانٍ منها، أو تفسيرِها بغير ما فسّره - ﷺ - وبيّنَه، وليست هذه السبعةُ الأحرف هي الأحرفُ التي أجاز لعُمر وهشام وعبد الله وأبيّ وعَمرو ومن رافَعَه إليه القراءةَ بجميعِ ما اختلفوا فيه وصوّبهم عليه، وقال لهم في سائرِه أصبتُم وأحسنتم، وهكذا أقرأتكم، لأن القرآن على عصرِ الرسول - ﷺ -


الصفحة التالية
Icon