وقوله: وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ... (٢٤٦)
جاءت (أن) فِي موضع، وأسقطت من آخر فقال فِي موضع آخر: «وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ» «١» وقال فِي موضع آخر: «وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ» «٢» فمن ألقى (أن) فالكلمة على جهة العربية التي لا علة «٣» فيها، والفعل فِي موضع نصب كقول اللَّه- عز وجل-: «فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ» «٤» وكقوله:
«فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ» «٥» فهذا وجه الكلام فى قولك: مالك؟ وما بالك؟
وما شأنك: أن تنصب فعلها «٦» إذا كان اسما، وترفعه إذا كان فعلا أوله «٧» الياء أو التاء أو النون أو الألف كقول الشاعر:
مالك ترغين ولا ترغو الخلف الخلفة: التي فِي بطنها ولدها.
وأما إذا قال (أن) فإنه مما ذهب إلى المعنى الَّذِي يحتمل دخول (أن) ألا ترى أن قولك للرجل: مالك لا تصلي فِي الجماعة؟ بمعنى ما يمنعك أن تصلي، فأدخلت (أن) فى (مالك) إذ وافق معناها معنى المنع. والدليل على ذلك قول اللَّه عز وجل:
«مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ» «٨» وفي موضع آخر: «مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ
(٢) آية ١٢ سورة إبراهيم.
(٣) أى لا ضعف فيها ولا دخل، إذ هو الوجه الكثير. وفى الطبرى: «وذلك هو الكلام الذى لا حاجة للتكلم به للاستشهاد على صحته لفشوّ ذلك على ألسن العرب».
(٤) آية ٣٦ سورة المعارج.
(٥) آية ٨٨ سورة النساء.
(٦) يريد الحدث الذى يلى العبارات السابقة فى صورة فعل اصطلاحىّ أو غيره. [.....]
(٧) يريد الفعل المضارع.
(٨) آية ١٢ سورة الأعراف.