وَالنُّشُورِ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي، قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي إِسْرَافِيلَ يُنَادِي بِالْحَشْرِ يَا أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ وَالْأَوْصَالُ الْمُتَقَطِّعَةُ وَاللُّحُومُ الْمُتَمَزِّقَةُ وَالشُّعُورُ الْمُتَفَرِّقَةُ، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُنَّ أَنْ تَجْتَمِعْنَ لفصل القضاء.
[٤٢] ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ﴾ [ق: ٤٢] وَهِيَ الصَّيْحَةُ الْأَخِيرَةُ، ﴿ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ [ق: ٤٢] مِنَ الْقُبُورِ. ٤٣،
[٤٤] ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ - يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا﴾ [ق: ٤٣ - ٤٤] جَمْعُ سَرِيعٍ أَيْ يَخْرُجُونَ سِرَاعًا، ﴿ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا﴾ [ق: ٤٤] جمع علينا ﴿يَسِيرٌ﴾ [ق: ٤٤]
[٤٥] ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ﴾ [ق: ٤٥] يَعْنِي كَفَّارَ مَكَّةَ فِي تَكْذِيبِكَ، ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ﴾ [ق: ٤٥] بِمُسَلَّطٍ تُجْبِرُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ إِنَّمَا بُعِثْتَ مُذَكِّرًا، ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ﴾ [ق: ٤٥] أَيْ مَا أَوْعَدْتُ بِهِ مَنْ عَصَانِي مِنَ الْعَذَابِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ خَوَّفَتْنَا، فَنَزَلَتْ: ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ﴾ [ق: ٤٥]
[سورة الذاريات]
[قوله تعالى وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا فَالْجَارِيَاتِ] يُسْرًا فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا...
(٥١) سورة الذاريات [١] ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا﴾ [الذاريات: ١] يَعْنِي الرِّيَاحَ الَّتِي [تَذْرُو] التُّرَابَ ذَرْوًا، يُقَالُ: ذَرَتِ الرِّيحُ التُّرَابَ وأذرت.
[٢] ﴿فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا﴾ [الذاريات: ٢] يعني السحاب التي تَحْمِلُ ثُقْلًا مِنَ الْمَاءِ.
[٣] ﴿فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا﴾ [الذاريات: ٣] هِيَ السُّفُنُ تَجْرِي فِي الْمَاءِ جريا سهلًا.
[٤] ﴿فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا﴾ [الذاريات: ٤] هِيَ الْمَلَائِكَةُ يُقَسِّمُونَ الْأُمُورَ بَيْنَ الْخَلْقِ عَلَى مَا أُمِرُوا بِهِ، أَقْسَمَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِمَا فِيهَا مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى صُنْعِهِ وَقُدْرَتِهِ.
[٥] ثُمَّ ذَكَرَ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ فَقَالَ: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات: ٥] من الثواب والعقاب، ﴿لَصَادِقٌ﴾ [الذاريات: ٥]
[٦] ﴿وَإِنَّ الدِّينَ﴾ [الذاريات: ٦] الحساب والجزاء، ﴿لَوَاقِعٌ﴾ [الذاريات: ٦] لِكَائِنٌ.
[٧] ثُمَّ ابْتَدَأَ قَسَمًا آخَرَ فقال: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ [الذاريات: ٧] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وقَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ: ذَاتِ الْخَلْقِ الْحَسَنِ الْمُسْتَوِي، يُقَالُ لِلنَّسَّاجِ إِذَا نَسَجَ [الثَّوْبَ] فَأَجَادَ: مَا أَحْسَنَ [حَبْكَه] قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ذَاتُ الزِّينَةِ. قَالَ الْحَسَنُ: حُبِكَتْ بِالنُّجُومِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ الْمُتْقَنَةُ الْبُنْيَانِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ: ذَاتُ الطَّرَائِقِ كَحُبُكِ الْمَاءِ إِذَا ضَرَبَتْهُ الرِّيحُ، وَحُبُكِ الرَّمْلِ وَالشَّعْرِ الْجَعْدِ، وَلَكِنَّهَا لَا تُرَى لِبُعْدِهَا مِنَ النَّاسِ، وَهِيَ جَمْعُ حِبَاكٍ وَحَبِيكَةٍ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ قوله في الآية التالية:
[٨] ﴿إِنَّكُمْ﴾ [الذاريات: ٨] يَا أَهْلَ مَكَّةَ، ﴿لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ﴾ [الذاريات: ٨] فِي الْقُرْآنِ وَفِي مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَقُولُونَ فِي الْقُرْآنِ سِحْرٌ وَكِهَانَةٌ وَأَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَفِي مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاحِرٌ وَشَاعِرٌ وَمَجْنُونٌ. وَقِيلَ: لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ أَيْ مُصَدِّقٍ وَمُكَذِّبٍ.