وَعَلَيْهِمْ. (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) أَنَّ مَا لَحِقَهُمْ مِنَ الْقَحْطِ وَالشَّدَائِدِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذُنُوبِهِمْ لَا مِنْ عند موسى وقومه.
[سورة الأعراف (٧): آية ١٣٢]
وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (١٣٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ) أَيْ قَالَ قَوْمُ فِرْعَوْنَ لِمُوسَى" مَهْما". قَالَ الْخَلِيلُ: الْأَصْلُ مَا، مَا، الْأُولَى لِلشَّرْطِ، وَالثَّانِيَةُ زَائِدَةٌ تَوْكِيدٌ لِلْجَزَاءِ، كَمَا تُزَادُ فِي سَائِرِ الْحُرُوفِ، مِثْلَ إِمَّا وَحَيْثُمَا وَأَيْنَمَا وَكَيْفَمَا. فَكَرِهُوا حَرْفَيْنِ لَفْظُهُمَا وَاحِدٌ، فَأَبْدَلُوا مِنَ الْأَلِفِ الْأُولَى هَاءً فَقَالُوا مَهْمَا. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: أَصْلُهُ مَهْ، أَيِ اكْفُفْ، مَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ. وَقِيلَ: هِيَ كَلِمَةٌ مُفْرَدَةٌ، يُجَازَى بِهَا لِيُجْزَمَ مَا بَعْدَهَا عَلَى تَقْدِيرِ إِنْ. وَالْجَوَابُ" فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ" (لِتَسْحَرَنا) لِتَصْرِفَنَا عَمَّا نَحْنُ عَلَيْهِ. وَقَدْ مَضَى فِي الْبَقَرَةِ بَيَانُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ «١». قِيلَ: بَقِيَ مُوسَى فِي الْقِبْطِ بَعْدَ إِلْقَاءِ السَّحَرَةِ سُجَّدًا عِشْرِينَ سَنَةً يُرِيهِمُ الْآيَاتِ إِلَى أَنْ أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ، فَكَانَ هَذَا قَوْلَهُمْ.
[سورة الأعراف (٧): آية ١٣٣]
فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (١٣٣)
فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- رَوَى إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ نَوْفٍ الشَّامِيِّ قَالَ: مَكَثَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آل فرعون بعد ما غَلَبَ السَّحَرَةَ أَرْبَعِينَ عَامًا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مِنْجَابٍ: عِشْرِينَ سَنَةً، يُرِيهِمُ الْآيَاتِ: الْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (الطُّوفانَ) أَيِ الْمَطَرُ الشَّدِيدُ حَتَّى عَامُوا فِيهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ: الطُّوفَانُ الْمَوْتُ قَالَ الْأَخْفَشُ: وَاحِدَتُهُ طُوفَانَةٌ. وَقِيلَ: هُوَ مصدر كالرجحان