سورة آل عمران
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿الم﴾ (انظر آية ١ من سورة البقرة)
﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ القائم بتدبير الخلق وحفظه. عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه الاسم الأعظم
﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ القرآن ﴿مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ ما قبله من الكتب: كالتوراة والإنجيل ﴿وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ﴾ على موسى ﴿وَالإِنْجِيلَ﴾ على عيسى
﴿مِن قَبْلُ﴾ أي من قبل مجيء إمام الرسل عليه الصلاة والسلام ﴿وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ القرآن الكريم؛ ويطلق «الفرقان» على سائر الكتب المنزلة؛ لأنها تفرق بين الحق والباطل
﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ﴾ ذكراناً وإناثاً بيضاً وسوداً، حساناً وقباحاً
﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ﴾ قطعية الدلالة؛ لا تحتمل اشتباهاً، ولا تأويلاً ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ أي أصله، تحمل المتشابهات عليها، وترد إليها ﴿وَأَخَّرَ﴾ أي وآيات أخر ﴿مُتَشَابِهَاتٌ﴾ محتملات التأويل، لها معان متشابهة. وقد ذهب قوم - عفا الله تعالى عنهم - إلى أن القرآن كله محكم، لقوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ وذهب آخرون إلى أنه كله متشابه؛ لقوله جل شأنه: ﴿كِتَاباً مُّتَشَابِهاً﴾ وليس هذا من معنى الآية في شيء؛ إذ أن معنى قوله تعالى: ﴿الر كِتَابٌ﴾ أي في حسن النظم، وقوة التعبير، وأنه حق من عندالله. ومعنى ﴿مُّتَشَابِهاً﴾: أي يشبه بعضه بعضاً، ويصدق بعضه بعضاً، ﴿أُوْلُواْ الأَلْبَابِ﴾ ذووا العقول
﴿رَبَّنَا لاَ تُزِغْ﴾ لا تمل ﴿قُلُوبَنَا﴾ عن الحق ﴿بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ إلى الإيمان ﴿لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ﴾ لا شك ﴿فِيهِ﴾ وهو يوم القيامة
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللَّهِ﴾ من عذابه لهم، وانتقامه منهم
﴿كَدَأْبِ﴾ كشأن وعادة ﴿آلَ فِرْعَوْنَ﴾ أي فرعون وقومه ﴿وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ من الأمم الكافرة المعاندة؛ كعاد وثمود ﴿كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾ التي أنزلناها على رسلنا ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ﴾ جازاهم بها، وعاقبهم عليها. يقال: أخذته بكذا: أي جازيته عليه
﴿قُلْ﴾ يا محمد ﴿لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ﴾ يوم بدر ﴿وَتُحْشَرُونَ﴾ تجمعون يوم القيامة ﴿إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ الفراش
﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ﴾ برهان وعبرة
-[٦٠]- ﴿فِي فِئَتَيْنِ﴾ فرقتين وجماعتين ﴿الْتَقَتَا﴾ للقتال يوم بدر ﴿فِئَةٌ﴾ مؤمنة ﴿تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أي في سبيل نصرة دينه، وإعلاء كلمته ﴿وَأُخْرَى﴾ أي وفئة أخرى ﴿كَافِرَةٌ﴾ تحاول إطفاء جذوة الإيمان ﴿يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ﴾ أي يرى الكفار المؤمنين ضعفي عددهم، فتنخلع قلوبهم، أو يرى المؤمنون الكفار ضعفي عددهم - مع أنهم يزيدون عن الضعف زيادة كبيرة - فتقوى بذلك قلوبهم؛ وقد وعدهم الله تعالى بالنصر والغلبة: ﴿فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ﴾ (انظر الآيات ٤١ وما بعدها من سورة الأنفال» ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ الخداع الذي بدا على أعين القوم؛ والذي تسبب في نصرة المؤمنين، وخذلان الكافرين ﴿لَعِبْرَةً﴾ لعظة ﴿لأُوْلِي الأَبْصَارِ﴾ لذوي البصائر