سورة النساء
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ﴾ خافوه واخشوا عقابه ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ آدم عليه السلام ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا﴾ أي من جنسها حواء ﴿وَبَثَّ﴾ فرق ونشر ﴿مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً﴾ كثيرة؛ هم سائر الخلق من بني الإنسان ﴿وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ﴾ أي يسأل بعضكم بعضاً ب الله استعطافاً كقولكم: أسألك ب الله أن تفعل كذا. ويسأل بعضكم بعضاً بالأرحام؛ يقول: بحق ما بيننا من الرحم افعل كذا «والأرحام» جمع رحم؛ وهو القرابة. أي واتقوا الأرحام فلا تقطعوها؛ بل صلوا أقرباءكم وبروهم ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ أي مراقباً لأعمالكم، فمجازيكم عليها؛ إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر
﴿وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ﴾ أعطوهم أموالهم، ولا تأكلوها لعجزهم عن مطالبتكم بها ﴿وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ﴾ الحرام؛ أي لا تستبدلوا الأمر الخبيث؛ وهو أكل مال اليتامى ﴿بِالطَّيِّبِ﴾ الحلال؛ وهو المحافظة عليه، ورده لأصحابه ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ﴾ بأن تضموها ﴿إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ وتزعمونها لكم} إثماً
﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ﴾ ألا تعدلوا شأن ﴿الْيَتَامَى فَانكِحُواْ﴾ تزوجوا ﴿مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ﴾ انظر مبحث «تعدد الزوجات» بآخر الكتاب ﴿ذلِكَ أَدْنَى﴾ أقرب ﴿أَلاَّ تَعُولُواْ﴾ ألا تجوروا. من عال الحاكم في حكمه: إذا جار. أو ﴿أَلاَّ تَعُولُواْ﴾ بمعنى ألا تميلوا. من عال الميزان عولاً إذا مال. وقيل: المعنى: ذلك أدنى ألا يكثر عيالكم. يؤيده قراءة من قرأ «ألا تعيلوا»
﴿وَآتُواْ النِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ﴾ مهورهن.
-[٩١]- ﴿نِحْلَةً﴾ النحلة: العطاء الذي لا يقابله عوض. أو «نحلة» أي عن طيب نفس. أو «نحلة» بمعنى: حقاً لهن، لا مراء فيه؛ لأن النحلة أحد معانيها الدعوى ﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ﴾ أي من المهر بأن تنازلن لكم عن بعضه ﴿فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً﴾ حلالاً لا شبهة فيه؛ لأن كل حق تنازل عنه صاحبه - عن طيب نفس - فهو حلال طيب للمتنازل إليه