سورة الأعراف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


﴿المص﴾ (انظر آية ١ من سورة البقرة)
﴿كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾ القرآن الكريم ﴿فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ﴾ ضيق ﴿مِنْهُ﴾ أي لا يكن في صدرك غم أو ضيق من عدم إيمانهم بما أبلغته إليهم من القرآن المنزل عليك؛ وهذا كقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾ ﴿لِتُنذِرَ بِهِ﴾ أي ﴿كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ﴾ ﴿وَذِكْرَى﴾ تذكيراً ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ الذين يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب
﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ﴾ غيره ﴿أَوْلِيَاءَ﴾ تطيعونهم في معصيته تعالى والكفر به
﴿وَكَم مِّن قَرْيَةٍ﴾ ظالمة ﴿أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا﴾ عذابنا ﴿بَيَاتاً﴾ ليلاً ﴿أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ﴾ أي وقت القيلولة. والمعنى: فجاءها عذابنا ليلاً أو نهاراً؛ كما نريد
﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ﴾ دعاؤهم وتضرعهم ﴿إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَآ﴾ حين جاءهم عذابنا
﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ﴾ أي الأمم عما فعلوه من عصيان رسلهم، وكفرهم بربهم ﴿وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾ عما أجيبوا به، وما لاقوه من عنت وتكذيب
﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم﴾ لنخبرنهم بما فعلوه ﴿بِعِلْمِ﴾ منا؛ لأنا حاضرون معهم، مشاهدون لأعمالهم
﴿وَالْوَزْنُ﴾ للأعمال الحسنة أو السيئة ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ يوم القيامة ﴿الْحَقِّ﴾ العدل؛ لا زيادة في السيئات، ولا نقصان للحسنات (انظر آية ٤٧ من سورة الأنبياء) ﴿فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ أي ما يوزن له من الحسنات ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾
الفائزون
﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ﴾ أي نقصت حسناته ﴿فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنْفُسَهُم﴾ حرموها من النعيم، وأضاعوها في الجحيم ﴿بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ﴾ أي يجحدون
﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ﴾ أي جعلناكم متمكنين منها، قادرين عليها؛ ذوي مكانة فيها ﴿وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا﴾ أي في الأرض ﴿مَعَايِشَ﴾ أي أسباباً للمعيشة؛ من مطعم ومشرب وملبس؛ فضلاً من لدنه تعالى
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ﴾ أي خلقنا أصلكم وأباكم آدم من طين ﴿ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾ أي صورنا آدم في صورته الإنسانية، ونفخنا فيه الروح. أو يكون معنى ﴿خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾: إشارة إلى حكمه تعالى وتقديره لإحداث البشر في هذا العالم - منذ بدايته حتى نهايته - وتصويره لهم على حقيقتهم التي علمها قبل أن يصورهم، وإثبات جميع ذلك في اللوح المحفوظ؛ الذي أثبت فيه تعالى كل ما هو كائن ﴿ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ﴾ كان الأمر بالسجود لما خلقه الله تعالى بيديه؛ لا لأن آدم مستوجب
-[١٨٠]- للسجود مستحق له؛ قال تعالى: ﴿يإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ وقد ابتدأ اللعين، يحاجّ رب العالمين؛ فأهلك نفسه ومن اتبعه إلى يوم الدين


الصفحة التالية
Icon