﴿إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ﴾ هم الملائكة.
سورة الأنفال

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ﴾ الأنفال: الغنائم التي تزيد عن حصة المجاهدين - وهي الخمس من كل ما غنموه - وقيل: هو ما جاء من غير قتال؛ كفرس، أو عبد، أو سلاح. وقيل: هي زيادة كان يزيدها الرسول عليه الصلاة والسلام لبعض المجاهدين: تشجيعاً لهم، وحثاً لغيرهم؛ فسألوا عن ذلك؛ فقيل لهم ﴿قُلِ الأَنفَالُ للَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ يضعها الرسول بأمر الله تعالى حيث يشاء ﴿فَاتَّقُواْ﴾ أي أصلحوا الأحوال التي بينكم. كقوله تعالى ﴿بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ أي بمضمراتها
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ﴾ الكاملو الإيمان هم ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ فزعت لذكره؛ استعظاماً له، وتهيباً من جلاله وعزه وسلطانه ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً﴾ على إيمانهم ويعتمدون، ويستعينون
﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ﴾ في أوقاتها ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ فلا يخافون فقراً، ولا يخشون فاقة؛ لأنهم ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾
﴿أُوْلئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً﴾ فتدبر أيها المؤمن الكريم هذه الآية، وسائل نفسك: هل أنت مؤمن حقاً؟ وهل إذا ذكر الله أمامك: وجل قلبك؟ وإذا تليت عليك آياته: زادتك إيماناً؟ وهل أنت تنفق مما رزقكالله، كما أمركالله؟ فإن كنت تفعل ذلك: فأنت من السعداء الناجين، فاهنأ بما آتاك الله تعالى من فضل، وما وهبك من خير وإن كنت في واد والمؤمنون في واد آخر؛ فالجأ إلى الرحيم الودود، واجأر إلى اللطيف الحميد؛ ليتم إيمانك، ويثبت يقينك، ويوفقك لإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والوثوق بما عندالله؛ فنعم القريب، ونعم المجيب ﴿لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ في جناته ﴿وَمَغْفِرَةٌ﴾ لذنوبهم ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ وهو ما أعده الله تعالى لهم في الجنة من لذيذ المآكل والمشارب، وهنيء العيش
﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ﴾
بالمدينة إلى بدر ﴿بِالْحَقِّ﴾ الذي أمر به الله ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾ ذلك الخروج. المعنى: إن إصلاح ذات البين، ووجل القلوب عند ذكر المحبوب، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة: خير لكم عند ربكم؛ كما أن إخراج محمد عليه الصَّلاة والسَّلام من بيته كان خيراً له


الصفحة التالية
Icon