سورة الرعد
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿المر﴾ (انظر آية ١ من سورة البقرة)
﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ استواء يليق به؛ وليس كاستواء المخلوقين؛ لأن الديان يتقدس عن المكان، وتعالى المعبود على الحدود ﴿لأَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ يوم القيامة ﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ﴾ ويا له من مدبر حكيم، وخالق عليم ترى الشيء فيهولك مظهره، ويسوؤك مخبره، ولو نظرت إليه نظر العاقل البصير، والناقد الخبير؛ لوجدت الخير كل الخير فيما وقع؛ فنعم المدبر العظيم، والخالق الكريم ﴿يُفَصِّلُ الآيَاتِ﴾ يبين لكم دلائل قدرته، ومظاهر ربوبيته
﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ﴾ بسطها رأي العين، وجعلها سهلة ذلولاً ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ جبالاً ثوابت ﴿وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ أي صنفين: حلو وحامض، ورطب ويابس، وأبيض وأسود، وأحمر وأصفر، وكبير وصغير، وغير ذلك ﴿يُغْشِي﴾ يغطي ﴿الْلَّيْلَ النَّهَارَ﴾ بظلمته ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَاتٍ﴾ دلالات على وحدانيته تعالى
﴿وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ﴾ يريد سبحانه وتعالى أن في الأرض قطعاً متجاورة ومتماثلة: تسقى بماء واحد؛ فتنتج هذه الحامض، وهذه الحلو، وتلك الرطب، والأخرى اليابس؛ إلى غير ذلك مما لا يحصره بيان، ولا يعوزه برهان ﴿وَجَنَّاتٌ﴾ بساتين
-[٢٩٧]- ﴿مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ﴾ (انظر آية ٢٦٦ من سورة البقرة) ﴿صِنْوَانٌ﴾ جمع صنو؛ وهو المثل: وهي النخلات، والنخلتان؛ يجمعهن أصل واحد، وقد يراد به: الشجر المتماثل، وغير المتماثل ﴿يُسْقَى بِمَآءٍ وَاحِدٍ﴾ ولكنه ينتج ثمراً مختلفاً، وطعوماً متباينة ﴿وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ﴾ في الثمر؛ إذ ليس التمر كالعنب أو الخوخ كالتفاح، أو التوت كالرمان أو الكمثرى كالمشمش