﴿وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ﴾ وإن نريك ﴿بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ﴾ من العذاب ﴿أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ قبل تعذيبهم ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ﴾ أي ليس عليك إلا إبلاغهم بما أرسلت به ﴿وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾ مجازاتهم بما فعلوا حينما يصيرون إلينا
﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ أي أرض الكفار؛ ننقصها بامتلاك المسلمين لها وفتحها، أو المراد بالنقص: خرابها، وهلاك علمائها وفقهائها، وخيارها وسادتها. والأطراف لغة: الكرماء والأخيار ﴿وَاللَّهُ يَحْكُمُ﴾ بما يشاء ﴿لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ لا راد لحكمه
﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ المكر: الكيد أي مكر الأمم المتقدمة؛ فكفروا برسلهم، وكادوا لهم؛ كما كفر بك قومك، وكادوا لك ﴿فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً﴾ فيجازي الماكرين على مكرهم، ويرد كيد الكائدين في نحورهم ﴿يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ﴾ من خير أو شر؛ فيجزيها عليه ﴿وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ أي العاقبة المحمودة في الآخرة
﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ بما أظهره من الأدلة والبراهين والآيات، على صدق رسالتي ﴿وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ أي علماء أهل الكتاب الذين أسلموا؛ لأن صفة الرسول عليه الصلاة والسلام ونعته جاء في كتبهم (انظر آية ١٥٧ من سورة الأعراف) وقيل: المراد بمن عنده علم الكتاب: الله تعالى. وقيل: هو جبريل عليه السلام.
سورة إبراهيم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


﴿الر﴾ (انظر آية ١ من سورة البقرة) ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ﴾ هو القرآن الكريم ﴿لِتُخْرِجَ﴾ به ﴿النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ من الكفر إلى الإيمان، ومن الجهل إلى العلم (انظر آية ١٧ من سورة البقرة) ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ بأمره وإرادته وتوفيقه ﴿إِلَى صِرَاطِ﴾ طريق
﴿وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ الويل: حلول الشر، وقيل: إنه وادٍ في جهنم
﴿الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ يختارونها ويفضلونها ﴿عَلَى الآخِرَةِ﴾ فيتمسكون بزخرف الدنيا ومتاعها الفاني الزائل، ولا يؤمنون بما في الآخرة من ثواب وعقاب ﴿وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يمنعون الناس عن الإسلام ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً﴾ معوجة
﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ أي إنه لا يجوز إرسال رسول أعجمي لأمة عربية، كما لا يجوز إرسال رسول عربي لأمة
-[٣٠٥]- أعجمية؛ لذا وجبت ترجمة القرآن لسائر اللغات (انظر توفية هذا البحث بكتابنا «الفرقان») ﴿فَيُضِلُّ اللَّهُ﴾ من يشاء إضلاله؛ بعد أن يزجي له الآيات البينات، ويضرب له الأمثال والعظات، ويسوق له المعجزات والدلالات؛ حتى إذا ما استمرأ عصيانه، ولج في طغيانه: وكله إلى شيطانه؛ فأضله وزاد في إضلاله قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللَّهُ﴾


الصفحة التالية
Icon