﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ﴾ أي تتنزل بالوسوسة والإغواء والإفساد
﴿تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ كذاب، مرتكب للإثم. والمقصود: رؤساء الكفار والذين يزعمون معرفة الغيب
﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ أي أن الشياطين تتسمع إلى الملإ الأعلى ﴿وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾ يقولون لأوليائهم ما لا يسمعون. وأولياؤهم: هم ﴿كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ يزيدون على إفك الشياطين إفكاً، ويزدادون على إثمهم إثماً
﴿وَالشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ ليس المراد بالشعراء هنا: كل الشعراء. بل أريد الغاوون منهم، والضالون: الذين يلوكون بألسنتهم أعراض الناس، ويتشدقون بالإثم والفجور، ويروجون للفسق والخمور أما من ارتقى منهم بشعره عن درك الفساد والإفساد؛ فقد يكون من أئمة الأتقياء، وخلاصة الفضلاء الأصفياء وناهيك بأن منهم الإمام البوصيري، وحسانبن ثابت: شاعر النبي والإمام ابن الفارض، والبرعي؛ وغيرهم ممن وقفوا قرائحهم وأشعارهم على ذكر الرحمن الرحيم، ومدح رسوله العظيم، ووصف كتابه الكريم وهم الذين استثناهم الله تعالى بقوله:
﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُواْ اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ﴾ أي وانتصروا لأنفسهم، أو لإخوانهم، أو لدينهم؛ من بعد ما ظلمهم الغير. ونظيره قوله تعالى: ﴿لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ﴾.
سورة النمل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


﴿طس﴾ (انظر آية ١ من سورة البقرة)
﴿إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ﴾ بالقيامة، والحساب، والجزاء ﴿زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ﴾ الفاسدة؛ ليزدادوا كفراً على كفرهم، وطغياناً على طغيانهم (انظر آية ١٢٢ من سورة الأنعام) ﴿يَعْمَهُونَ﴾ يترددون في ضلالهم
﴿لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ﴾ أسوؤه
﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ﴾ لتتلقاه وتتلقنه ﴿مِن لَّدُنْ﴾ من عند ﴿حَكِيمٍ﴾ يحكم قوله وفعله وأمره ﴿عَلِيمٍ﴾ بمصالح الناس وحاجاتهم
﴿إِذْ قَالَ مُوسَى﴾ أي واذكر قصة موسى؛ إذ قال ﴿لأَهْلِهِ﴾ امرأته ﴿إِنِّي آنَسْتُ﴾ أبصرت من بعيد ﴿سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ﴾ لأن النار الموقدة: دليل على وجود موقد لها؛ تستقى منه الأخبار، ويهتدى به إلى الطريق، ويستطعم ﴿بِشِهَابٍ﴾ شعلة مضيئة ﴿قَبَسٍ﴾ القبس: كل ما يقتبس؛ من جمر، وجذوة، ونحوهما ﴿لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلِونَ﴾ تستدفئون من البرد
﴿فَلَمَّا جَآءَهَا﴾ أي جاء موسى النار التي توهمها ﴿نُودِيَ﴾ من حيث لا يعلم من أين يأتيه النداء، ولا يعلم صفته، ولا كنهه: نداء ولا صوت ﴿أَنْ﴾ بأن ﴿بُورِكَ﴾ بارك الله ﴿مَن فِي النَّارِ﴾ من الملائكة
-[٤٥٨]- ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ موسى. وهي تحية من الله تعالى لكليمه عليه الصلاة والسلام ﴿وَسُبْحَانَ اللَّهِ﴾ تنزه وتقدس (انظر آية صلى الله عليه وسلّم من سورة الإسراء) ونودي


الصفحة التالية
Icon