﴿فَأَمَّآ إِن كَانَ﴾ الميت ﴿مِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ الذين قربهم الله تعالى منه؛ لإيمانهم وطاعتهم
﴿فَرَوْحٌ﴾ أي فله استراحة، أو فله رحمة ومغفرة ﴿وَرَيْحَانٌ﴾ رزق حسن، طيب هنيء. أو المراد به: كل ما له رائحة من الزهور والمشمومات: تتلقاه به الملائكة عند موته؛ كما يتلقى العروس في الدنيا يوم عرسه
﴿وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾ الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم، أو الذين يؤخذ بأيمانهم إلى الجنة؛ كما يأخذ الصديق بيمين صديقه، والحبيب بيمين حبيبه
﴿فَسَلاَمٌ لَّكَ﴾ أي سلامة من العذاب، أو سلام لك من مولاك جل شأنه ﴿مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾ أي سلام لك لأنك «من أصحاب اليمين»
﴿وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ﴾ الذين كذبوا الرسول والقرآن ﴿الضَّآلِّينَ﴾ الذين ضلوا سواء السبيل؛ وعصوا الرب الجليل
﴿فَنُزُلٌ﴾ موضع نزولهم. والنزل: ما يعد لتكرمة الضيف ﴿مِّنْ حَمِيمٍ﴾ ماء بالغ غاية الحرارة. فإذا كان إكرامهم بالحميم؛ فكيف يكون تعذيبهم وامتهانهم؟
﴿وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ﴾ أي إدخال في جهنم
﴿إِنَّ هَذَا﴾ التنعيم والتعذيب ﴿لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾ أي الحق الواجب الحدوث، المتيقن الوقوع.
سورة الحديد
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ أي إن كل من عداه من مخلوقاته: يجله ويعظمه، ويسبح بحمده، حتى الجماد والوحش والطير؛ فإنها جميعاً تسبح بحمده ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾
﴿هُوَ الأَوَّلُ﴾ قبل كل شيء؛ بلا بداية ﴿وَالآخِرُ﴾ بعد كل شيء؛ بلا نهاية ﴿وَالظَّاهِرُ﴾ بالأدلة والبراهين الدالة عليه:
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه الواحد
لكونه تعالى غير مدرك بالحواس؛ ولو أنه ظاهر في مخلوقاته وآثاره ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ استواء يليق به؛ لا كاستواء المخلوقين؛ لأن الديان يتقدس عن المكان، وتعالى المعبود عن الحدود ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ﴾ ما يدخل فيها: من البذر، والقطر، والموتى ﴿وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا﴾ من النبات، والمعادن، وغيرهما ﴿وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَآءِ﴾ من الملائكة، والغيث، والشهب، وغيرها ﴿وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾ من الأعمال والدعوات «إليه يصعد الكلم الطيب» ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ﴾ بحفظه وكلاءته
﴿لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ يتصرف فيهما كيف شاء ﴿وَإِلَى اللَّهِ﴾ وحده ﴿تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ فيقضي فيها بما أراد؛ لا راد لقضائه
﴿يُولِجُ الْلَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي الْلَّيْلِ﴾ يدخل أحدهما في الآخر؛ بنقصان هذا وزيادة ذاك
-[٦٦٦]- ﴿وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ بخوافيها وما فيها