«رسولاً» من لدنه ﴿لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ من الكفر إلى الإيمان، ومن الجهل إلى العلم (انظر آية ١٧ من سورة البقرة) ﴿قَدْ أَحْسَنَ﴾ في الجنة ﴿فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾
﴿يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ﴾ بالوحي والأرزاق، والإحياء والإفناء ﴿بَيْنَهُنَّ﴾ أي بين السموات والأرض
سورة التحريم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿يأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ قيل: إنه شرب عسلاً عند زينب بنت جحش؛ فأدرك أمهات المؤمنين - من الغيرة - ما يدرك سائر النساء من البشر: فتواطأت عائشة وحفصة على أن يقولا له: إنا نشم منك ريح المغافير - وهو صمغ كريه الرائحة يغش به العسل - فلما سمع منهما ذلك: حرم العسل على نفسه؛ فنزلت هذه الآية. وقيل: حرم على نفسه مارية أم ولده إبراهيم مرضاة لحفصة
﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ أي شرع لكم ما تتحللون به من أيمانكم؛ وهو الكفارة ﴿وَاللَّهُ مَوْلاَكُمْ﴾ يتولاكم برعايته وتدبيره وإرشاده
﴿وَإِذَ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ﴾ حفصة ﴿حَدِيثاً﴾ هو تحريم العسل؛ أو مارية القبطية ﴿فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ﴾ أي أخبرت بهذا الحديث عائشة رضي الله تعالى عنها ﴿وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ أي أطلعه على هذا الإنباء ﴿عَرَّفَ﴾ النبي حفصة ﴿بَعْضَهُ﴾ عرف بعض الذي أفشته من سره عليه الصلاة والسلام ﴿وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ﴾ فلم يعرفها أنه قد اطلع عليه. وقيل «عرف» بمعنى عاتب، وآخذ
﴿إِن تَتُوبَآ إِلَى اللَّهِ﴾ قيل: المعنى: هلا تتوبا إلى الله ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ أي مالت إلى ما كرهه النبي؛ من اجتناب العسل، أو تحريم مارية ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ﴾ أي تتعاونا على إيذائه، وحب ما يكره ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ﴾ أي وليه وناصره ﴿وَجِبْرِيلُ﴾ أيضاً ﴿وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي والصالحون من المؤمنين ﴿وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ أي والملائكة - على كثرتهم وقوتهم - بعد نصر الله تعالى له أعواناً
﴿عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ﴾ بسبب ما بدا منكن ﴿أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ﴾
لا يتظاهرن عليه، ولا يتآمرن، ولا يفشين سره لغيره ﴿مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ﴾ مطيعات ﴿سَائِحَاتٍ﴾ صائمات والسائح: الصائم الملازم للمساجد ﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً﴾ حسبما يريد، وكيفما شاء (انظر آية ١٢٥ من سورة البقرة)
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ
-[٦٩٧]- آمَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً﴾ أي اعملوا الأعمال الصالحة، وائتمروا بالأوامر، واجتنبوا النواهي، وأمروا أهليكم بها، وألزموهم الطاعة والعبادة؛ لتتقوا بذلك النار؛ التي ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ﴾ الكافرون والمخالفون ﴿وَالْحِجَارَةُ﴾ وذلك لأن جهنم من قوتها وشدتها: تذيب الحجارة ﴿عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ﴾ هم خزنتها عليهم السلام؛ وعدتهم تسعة عشر ﴿غِلاَظٌ﴾ على أهل النار ﴿شِدَادٌ﴾ أقوياء؛ لا يمنعهم مانع، ولا يدفعهم دافع ﴿لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ﴾ به من البطش والتنكيل بالكافرين