سورة عبس
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ أي قطب وجهه وأعرض. وهو حكاية عن الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه
﴿أَن جَآءَهُ﴾ أي لأن جاءه ﴿الأَعْمَى﴾ وهو عبد الله ابن أم مكتوم: أتى النبي - وعنده صناديد قريش يدعوهم للإسلام - فقال له: يا رسول الله علمني مما علمك الله. وصار يكرر ذلك؛ فكره رسولالله قطعه لكلامه مع صناديد قريش؛ فعبس لذلك، وأعرض عنه؛ وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام كان حريصاً على هداية أشراف قريش؛ ليهتدي بإسلامهم قومهم
﴿لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ يتطهر من دنس الجهل بما يسمعه منك من الآيات والعظات
﴿أَوْ يَذَّكَّرُ﴾ يتعظ ﴿فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى﴾ ويؤمن
﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى﴾ كان غنياً بالمال؛ كأشراف قريش
﴿فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى﴾ تتصدى، وتتعرض؛ بالإقبال عليه؛ حرصاً على إيمانه
﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى﴾ أي وليس عليك بأس في ألا يتطهر بالإسلام؛ إن عليك إلا البلاغ
﴿وَهُوَ يَخْشَى﴾ الله
﴿فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ تتلهى، وتعبس، وتتولى
﴿كَلاَّ﴾ أي لا تعد إلى مثلها من الإعراض عن الفقير، والإقبال على الغني ﴿إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾ أي إن هذه الآيات موعظة
﴿فَمَن شَآءَ﴾ من المؤمنين ﴿ذَكَرَهُ﴾ تذكر تنزيل الله تعالى ووحيه، واستمع إلى أوامره ونهيه؛ وعلم أن بذل النصح والإرشاد واجب لمن يطلبه ويسعى إليه؛ لا لمن يأباه وينصرف عنه
﴿فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ﴾ أي إن هذه الآيات منتسخة من اللوح المحفوظ ﴿فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ﴾ عند الله، لا يمسها إلا ملائكته المطهرون
﴿مَّرْفُوعَةٍ﴾ في السماء، أو مرفوعة القدر والمنزلة ﴿مُّطَهَّرَةٍ﴾ عما ليس من كلام الله تعالى
﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ كتبة؛ وهم ملائكة الرحمن، الذين انتسخوها - بأمر ربهم - من اللوح المحفوظ
﴿كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾
كرام عند ربهم، أتقياء
﴿قُتِلَ الإِنسَانُ﴾ لعن الكافر ﴿مَآ أَكْفَرَهُ﴾ أي ما أشد كفره وعلام يكفر، ولماذا يتكبر؟ أفلا ينظر
﴿مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ﴾ الله؟ أليس
﴿مِن نُّطْفَةٍ﴾ قذرة ﴿خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ﴾ فسواه فعدله؛ وهيأه لما يصلح له، ويليق به من الأعضاء والأشكال (انظر آية ٢١ من سورة الذاريات)
﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ أي بين له طريق الخير والشر، أو سهل له الخروج من بطن أمه