وفي القرآن آيتان جمعت كلّ منهما حروف العجم: (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ)..
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ).
وليس فيه حاء بعد حاء بلا حاجز إلا في موضعين:
(عقدة النكاح حتى)، (لا أبرح حَتَّى).
ولا كَافَانِ كذلك إلا: (ما سَلَكَكم)، (مناسككم).
ولا غينان كذلك إلا: (ومَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دينا).
ولا آية فيها ثلاث وعشرون كافاً إلا آيةَ الدَّين.
ولا آيتان فيهما ثلاثة عشر وقفا إلا آية المواريث.
ولا ثلاث آيات فيها عشر واوات إلا: والعصر... إلى آخرها.
ولا سورة إحدى وخمسون آية فيها اثنان وخمسون وقفاً إلا سورة الرحمن.
ذكر أكثر ذلك ابن خالويه.
وقال أبو عبد الله الخَبّازي المقرئ: أول ما وردت على السلطان محمود بن
ملكشاه سألني عن آية أولها غين. فقلت: ثلاث: (غافر الذنب).
وآيتان بخلف: (غير المغضوب عليهم) و (غُلِبت الروم).
ونقلت من خط شيخ الإسلام ابن حَجر في القرآن أربع شدات متواليات: في
قوله: (نَسِيّا. رَبّ السماوات)
(في بَحْرِ لُجِّي يَغْشَاه مَوْج).
(قولاً مِنْ ربٍّ رَحيم)
(ولقد زينّا السماء).
*******
الوجه الثالث والثلاثون من وجوه إعجازه (ورود آيات مُبهمة يحِيرُ العقل فيها)
وقد أفرده بالتأليف السهَيْليّ، ثم ابن عسكر، ثم القاضي بدر الدين ابن
جماعة، ولي فيه تأليف لطيف، وكان من السلف من يعتني به كثيراً: ومرجعه
للنقل المحض، وسأذكر ما يَسّر الله بعد أن تعلم أن للإبهام أسباباً:
أحدها: الاستغناء ببيانه في موضع آخر، كقوله: (صِرَاطَ الذين أنعمتَ
عليهم)، فإنه مبيّن في قوله: (مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين).