(سُورَةُ الْبَقَرَةِ)
(بين يدي السورة)
سورة البقرة مدنية نزلت في المدينة في مُدد، وقيل إنها أول سورة نزلت بالمدينة، وقد ادعى بعض العلماء أن بعض هذه السورة كان آخر آية نزلت من القرآن الكريم، وهي قوله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ...)، نزلت في حجة الوداع بمنى، وهي على هذا باعتبار نزولها في مكة تكون مكية.
وإن الذي نراه أن فيصل التفرقة بين المكي والمدني، ليس هو مكان النزول، إنما هو كونه بعد الهجرة أو قبلها، فإن كان قبلها، فهو مكي، وإن كان بعدها فهو مدني ولو نزل بمكة، إذ إن الفارق بين المكي والمدني موضوعي، لَا مكاني إذ إن أكثر الموضوعات التي تتصدى لها السور والآيات المكية: بيان أصل العقيدة الإسلامية، ومجادلة المشركين حولها، وسوق الأدلة لبطلان الوثنية، وتأكيد الوحدانية، والتعرض لأحوال المشركين، ومعاداتهم للنبي - ﷺ - ومن آمن معه، وأخبار المبادرة بالدعوة وإنذار العشيرة، كما قال تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). وهكذا أكثر القرآن المكي يتعرض لإثبات العقيدة، ومجادلة من ينكرونها من عبدة الأوثان.
أما السور المدنية وآياتها، فإنها تبين الأحكام الفرعية، وأحوال أهل الكتاب مع أهل الإيمان، وتنظيم الدولة الإسلامية، وسن النظم لتكوينها، وتكوين