وعن الربيع بن أنس قال: الزبور على الله ودعاء وتسبيح.
قلت الأمر كما قاله قتادة والربيع، فإنا وقفنا على الزبور فوجدناه خطباً يخطبها داود عليه السلام ويخاطب بها ربه عند دخوله الكنيسة وجملته مائة وخمسون خطبة كل خطبة تسمى مزموراً بفتح الميم الأولى وسكون الزاي وضم الميم الثانية وآخره راء، ففي بعض هذه الخطب يشكو داود على ربه من أعدائه ويستنصره عليهم، وفي بعضها يحمد الله ويمجده ويثني عليه بسبب ما وقع له من النصر عليهم والغلبة لهم وكان عند الخطبة يضرب بالقيثارة وهي آلة من آلات الملاهي.
وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور هاهنا روايات عن جماعة من السلف يذكرون ألفاظاً وقفوا عليها في الزبور ليس لها كثير فائدة فقد أغنى عنها وعن غيرها ما اشتمل عليه القرآن من الواعظ والزواجر.
(قل ادعوا الذين زعمتم من دونه) هذا رد على طائفة من المشركين كانوا يعبدون تماثيل على أنها صور الملائكة وعلى طائفة من أهل الكتاب كانوا يقولون بإلهية عيسى ومريم وعزير فأمر الله سبحانه رسوله ﷺ بأن يقول لهم ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهة من دون الله.
وقيل أراد بالذين زعمتم نفراً من الجن عبدهم ناس من العرب وإنما خصصت الآية بمن ذكرنا لقوله الآتي يبتغون إلى ربهم الوسيلة فإن هذا لا يليق بالجمادات روي معنى ذلك عن ابن مسعود، وقال ابن عباس: كان أهل الشرك يعبدون الملائكة والمسيح وعزيراً والشمس والقمر.
(فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً) أي لا يستطيعون ذلك والمعبود الحق هو الذي يقدر على كشف الضر وعلى تحويله من حال إلى حال ومن مكان إلى مكان فوجب القطع بأن هذه التي تزعمونها آلهة ليست بآلهة.
ثم إنه سبحانه أكد عدم اقتدارهم ببيان غاية افتقارهم إلى الله في جلب المصالح ودفع المضار فقال
(أولئك الذين يدعون) قرئ بالتحتية على الخبر


الصفحة التالية
Icon