(سبحان الله عما يصفون) من الشريك والولد، وإثبات ذلك لله عز وجل
(عالم الغيب والشهادة) أي هو مختص بعلم ما غاب وما شوهد، وأما غيره سبحانه فهو وإن علم الشهادة لا يعلم الغيب، وهذا دليل آخر على الوحدانية بواسطة مقدمة أخرى كأنه قيل الله علمهما وغيره لا يعلمهما فغيره ليس بإله وهذا من قبيل الشكل الثاني، وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو الله، وقرئ بالجر على أنه صفة لله عز وجل أو بدل منه، وروي عن يعقوب أنه كان يخفض إذا وصل ويرفع إذا ابتدأ.
(فتعالى) الله (عما يشركون) عطف على معنى ما تقدم؛ كأنه قال: علم الغيب فتعالى، أو أقول: فتعالى، والمعنى أنه سبحانه متعال متعال عن أن يكون له شريك في الملك.
(قل رب إمّا تريني ما يوعدون) أي إن كان ولا بد أن تريني العذاب المستأصل لهم
(رب فلا تجعلني في القوم الظالمين) قال الزجاج: أي إن أنزلت بهم النقمة يا رب، فاجعلني خارجاً عنهم يعني إن النداء معترض، وذكر الرب مرتين قبل الشرط وبعده مبالغة في التضرع والابتهال، وأمره الله أن يسأله أن لا يجعله في القوم الظالمين مع أن الأنبياء لا يكونون معهم أبداً تعليماً له ﷺ من ربه كيف يتواضع ويهضم نفسه أو لكون شؤم الكفر قد يلحق من لم يكن من أهله كقوله: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصّة) ثم لما كان المشركون ينكرون العذاب ويسخرون من النبي ﷺ إذا ذكر لهم ذلك أكد سبحانه وقوعه بقوله:
(وإنّا على أن نريك ما نعدهم لقادرون) يعني أن الله سبحانه قادر على أن يرى رسوله عذابهم ولكنه يؤخره لعلمه بأن بعضهم سيؤمن أو لكون الله سبحانه لا يعذبهم والرسول فيهم، وقيل قد أراه الله سبحانه ذلك يوم بدر ويوم فتح مكة ثم أمره سبحانه بالصبر إلى أن ينقضي الأجل المضروب فقال: