وأخره في سورة الحجر فقال: تلك آيات الكتاب وقرآن مبين، نظراً إلى حالته التي قد صار عليها فإنه مكتوب، والكتابة سبب القراءة، والله أعلم.
وأما تعريف القرآن هنا وتنكير الكتاب، وتعريف الكتاب في سورة الحجر وتنكير القرآن، فلصلاحية كل واحد منهما للتعريف والتنكير، لأن القرآن والكتاب اسمان علمان للمنزل على محمد - ﷺ - ووصفان له، لأنه يقرأ ويكتب، فحيث جاء بلفظ التعريف فهو العلم، وحيث جاء بلفظ التنكير فهو الوصف.
(هدى وبشرى للمؤمنين) أي: تلك آيات هادية ومبشرة أو هو هدى أو يهدي هدى ويبشر بشرى، أو هاد من الضلالة، ثم وصف المؤمنين الذين لهم الهدى والبشرى فقال:
(الذين يقيمون الصلاة) أي الخمس، ويديمون على شرائطها من
الفروض والسنن، ويأتون بها على وجهها.
(ويؤتون الزكاة) أي: يؤدون ويعطون زكاة أموالهم إذا وجبت عليهم، طيبة بها أنفسهم، ولما كانت إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة مما يتكرر ويتجدد في أوقاتهما، أتى بهما فعلين، ولما كان الإيقان بالآخرة أمراً ثابتاً مطلوباً دوامه، أتى به جملة اسمية فقال:
(وهم بالآخرة هم يوقنون) يعلمونها بالاستدلال، وجعل الخبر مضارعاً للدلالة على أن إيقانهم يستمر على سبيل التجدد في كل وقت، وعدم الانقطاع وكرر الضمير للدلالة على الحصر، ولما فصل بينه وبين الخبر، أي لا يوقن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح، لأن خوف العاقبة يحملهم على تحمل المشاق، وأنهم الأوحدون فيه، ثم لما ذكر سبحانه أهل السعادة ذكر بعدهم أهل الشقاوة فقال:
(إن الذين لا يؤمنون بالآخرة) أي: لا يصدقون بالبعث وهم الكفار.
(زينا لهم أعمالهم) قيل: المراد أن الله زين لهم أعمالهم السيئة


الصفحة التالية
Icon