هذا النوع، وإضافة العذاب إلى الحميم للبيان أي عذاب هو الحميم وهو الماء الحار كما تقدم أو من إضافة الصفة للموصوف أو المسبب للسبب فالمصبوب هو الحميم لا عذابه وصب العذاب استعارة، كقوله (أفرغ علينا صبراً) فقد شبه العذاب بالمائع ثم خيل له بالصب.
(ذق) الأمر للإهانة به أي قولوا له تهكماً وتقريعاً وتوبيخاً ذق العذاب (إنك) قرأ الجمهور بكسر الهمزة وقرأ الكسائي بفتحها، وروي ذلك عن عليّ أي لأنك (أنت العزيز الكريم) قيل إن أبا جهل كان يزعم أنه أعز أهل الوادي وأكرمهم فيقولون له: ذق العذاب أيها المتعزز المتكرم على زعمك، وفيما كنت تقوله قال الفراء أي لهذا القول الذي قلته في الدنيا - عن ابن عباس في الآية قال: " يقول لست بعزيز ولا كريم " أخرج الأموي في مغازيه عن عكرمة قال: لقي رسول الله ﷺ أبا جهل فقال: " إن الله أمرني أن أقول لك (أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) قال فنزع يده من يده وقال ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء، لقد علمت أني أمنع أهل بطحاء، وأنا العزيز الكريم، فقتله الله يوم بدر وأذله وعيره بكلمته، وأنزل (ذق إنك أنت العزيز الكريم) ".
(إن هذا) العذاب أو هذا الأمر (ما كنتم به تمترون) أي تشكون فيه حين كنتم في الدنيا والجمع باعتبار جنس الأثيم، ثم ذكر سبحانه مستقر المتقين فقال:
(إن المتقين) الذين اتقوا الكفر والمعاصي (في مقام) قرأ الجمهور مقام بفتح الميم وهو موضع القيام، وقرىء بضمها وهو موضع الإقامة قاله الكسائي وغيره وهما سبعيتان وقال الجوهري قد يكون كل واحد منهما بمعنى الإقامة وقد يكون بمعنى موضع القيام والمراد المكان وهو من الخاص الذي وقع


الصفحة التالية
Icon