بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة
الحمد لله الذي نور بكتابه القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، وأسكتت فصاحته الخطباء.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الذي خصه الله بجوامع الكلم وآتاه الحكمة وفصل الخطاب، وعلى آله وصحابته ومن اهتدى بهديه إلى يوم الحساب.
أما بعد.. فإن أحق ما يشتغل به الباحثون، وأفضل ما يتسابق فيه المتسابقون، مدارسة كتاب الله، ومداومة البحث فيه، والغوص والبحث عن لآلئه والكشف عن علومه وحقائقه، وإظهار إعجازه، وتجلية محاسنه، ونفي الشكوك والريب عنه، فقد قال فيه سبحانه وتعالى: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢) «١»، وورد في الأثر: (إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه،... فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات.
أما إني لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) «٢».
(١) سورة فصلت، الآيات (٤١ - ٤٢).
(٢) المستدرك على الصحيحين للحاكم، رقم الحديث (٢٠٤٠): ١/ ٧٤١، قال الحاكم:
حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ وقال ابن كثير: وهذا غريب من هذا الوجه، ورواه محمد بن فضيل عن أبي إسحاق الهجري، واسمه إبراهيم بن مسلم، وهو أحد التابعين، ولكن تكلموا فيه كثيرا، وقال أبو حاتم الرازي:
لين ليس بالقوي. وقال ابن كثير: فيحتمل أن يكون وهم في رفع هذا الحديث، وإنما-


الصفحة التالية
Icon