الفصل الأوّل تفاسير المعتزلة قبل الحاكم
حفل القرنان الثالث والرابع السابقان لعصر الحاكم بتفاسير اعتزالية كثيرة، ولا سيما القرن الرابع الذي شهد عدة «موسوعات» اعتزالية في التفسير، وقد عني المعتزلة بتفسير القرآن في وقت مبكر نوعا بعد اكتمال نشأتهم وأصول مذهبهم، وإن كان المتقدمون منهم إنما عنوا في المقام الأول بتفسير الآيات المتشابهة بخاصة حتى أفردوها بالتصنيف وقدّموا القول في تأويلها على القول في سائر آيات الكتاب الكريم، ويبدو أن الذي حملهم على هذا أن الخلاف في فهمها وتأويلها هو أساس الخلاف بينهم وبين سائر الفرق الأخرى- التي كانوا يتعرضون لجدالها بصورة دائمة- إلى جانب ما عرفوا به من الدفاع عن الاسلام «إزاء الدهريين ومنكري النبوة والنصارى واليهود والصابئة وأصناف الملاحدة» «١» الذين كانوا يرمون الكتاب بالاختلاف، ويتتبعون المتشابه طلبا للفتنة وابتغاء التأويل بالباطل، ومن هنا
انظر مقدمة الكتاب المذكور صفحة ١٨.