الفصل الأوّل قاعدة الحاكم الفكريّة ومحوره في تفسيره
أولا: قاعدته الفكرية العامة
يتصل منهج الحاكم في تفسير القرآن بمذهبه في التوحيد والعدل، بل إنه في أسسه وقواعده ينبني على هذا المذهب وينطلق منه، وهذه هي حال جميع المعتزلة على حد سواء، ولو جاز لأحد غيرهم أن يهمل النظر في أصوله الفكرية وهو يشرع في تفسير كتاب الله تعالى، لما قدر واحد من المعتزلة على ذلك، لأن تقديم القول بالعدل والتوحيد عندهم ليس ضروريا للتفسير فحسب، بل لا بد منه لمعرفة النبوات والشرائع جميعا، قال الحاكم: «يجب أولا أن يعرف الله تعالى بصفاته وعدله، ثم تعلم النبوات، ثم يعلم الفقه والشرائع والحديث والتفسير، لأن معرفة الشرع لا تتم إلا بمعرفة الكتاب والسنن. فعلى هذا الترتيب تجب هذه العلوم» «١». وهذا معنى قوله أيضا: «وشيء
من العلوم لا يصح إلا بعد معرفة الله وتوحيده وعدله»
«٢» وإلى ذلك أشار القاضي عبد الجبار من قبل، وهو يتحدث عن

(١) شرح عيون المسائل، المجلد الأول، ورقة ٥٧/ ظ.
(٢) المصدر السابق، ورقة ٥٦/ و.


الصفحة التالية
Icon