ابن عباس وما روى عنه
وأذكر هنا على الأخص ما يروى عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما فى باب التفسير، فقد أكثر الرواة الرواية عنه، حتى لا تجد آية فى القرآن غالبا إلا ويذكرون فيها قولا أو رواية لابن عباس، بل إن هناك تفسيرا خاصا به، منسوبا إليه.. قد يزعم الكثيرون أنه رواه عن رسول الله. وهو مطبوع.
وابن عباس كان فى نحو الثانية عشرة من عمره حين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عمر لا يسمح بمثل هذه الاستزادة من الرسول، إلا أنه كان له من الفطنة والذكاء المبكرين، وطهارة المنبت، ومن دعاء الرسول له «اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل» يعنى التفسير لما رآه فيه من فطنة وذكاء مبكرين، كما كان له من الحرص الشديد على تعويض ما فاته مباشرة عن رسول الله بالتلقى عن أصحابه، أينما كانوا، وتفريغ وقته لذلك، وقد توفى فى نحو السبعين من عمره بجانب تبحره فى علوم اللغة، وحفظ أقوال العرب وشعرهم، أقول كان له من ذلك كله، ما جعله يحتل منزلته العلمية منذ عمره المبكر، ويأخذ- لذلك- من اجلال الصحابة وفى مقدمتهم الخلفاء الراشدون- ما لم يقاربه فيه أمثاله وقرناؤه.. حتى رويت روايات كثيرة فى فضله العلمى، وتبحره فى علوم الدين واللغة، ولكنا مع اعتقادنا بمكانة ابن عباس العلمية، نكاد نشك، أو نشك فعلا كما شك الأقدمون فى الكثير مما روى عنه فى التفسير، حتى يقول الإمام الشافعى رضى الله عنه: «لم يثبت عن ابن عباس فى التفسير إلا شبيه بمائة حديث (١)» ونعتقد أن الكثير مما نسب لابن عباس من روايات قد أضيف إليه فى زمن الدولة العباسية، المنسوبة إليه وإلى أبيه العباس، ويرضيهم ويسرهم كل من يتقدم بزيادة علم وفخر لابن عباس

(١) الإتقان ج ٢.


الصفحة التالية
Icon