التفسير بعد عصر الرسول
عصر الصحابة
وإذا كنا قد عرفنا هذا كله، فإن سؤالا يطرح نفسه علينا وهو: كيف كان الموقف بعد وفاة الرسول ﷺ من تفسير القرآن؟
ونستطيع أن نقول اجابة عن هذا السؤال: إن موقف الصحابة من فهم القرآن أيام الرسول كما عرفناه، وقد استمر بقوة الدفع بعد وفاته زمنا توفرت الظروف فيه للاستمرار. وأقول توفرت الظروف فيه للاستمرار لأن الظروف التى كانت فى أيام الرسول لم تستمر كثيرا بعد وفاته، كما سنتحدث عن ذلك فيما بعد.
لقد كانت خلافة أبى بكر رضى الله عنه بعد الرسول من أكبر العوامل وأقواها للمحافظة على استمرار الوضع الذى كان أيام الرسول.. لأنه كان رضى الله عنه أكثر الصحابة شدة فى التزام الوضع السابق: فقال يجابه مانعى الزكاة «لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه» ثم رفض بكل شدة أن يغير قيادة «أسامة بن زيد» للجيش الذى كان قد جهزه الرسول، وولى اسامة القيادة قبيل وفاته..
ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقول: إن أبا بكر رضى الله عنه حافظ بشدة على الوضع الذى كان أيام الرسول بالنظر إلى الموقف من تفسير القرآن.. ولا سيما فيما يتصل بالمتشابه، وما طوى من أحداث القصص التى ذكرها القرآن.
وهما أهم ما شغل العقول بالكلام والسؤال، لأن مجال القول فيهما كان متسعا.. وذلك بخلاف ما يتصل بالعقائد المبدئية أو الكلية والأحكام، فقد كانت الآيات فيهما واضحة، وكانت السنة النبوية العملية والقولية توضح المراد منه، فوق أن عملهم فى أيام الرسول جعل المراد من الآيات فى هذا المجال، غير بعيد عن أفهامهم فكانوا يجيبون عن الاسئلة المتصلة بهذا الجانب، وهم متأكدون من صحة ما يقولون، معتقدين أن هذا جزء من تبليغ الدين..