مقدمة
الحمد لله.. أقولها بملء فمي وقلبي. لقد ألهمني الله سبحانه وتعالى الحق، وبصرني منهاج الدلالة عليه، وحملني شرف الدفاع عن دينه وشريعته وقرآنه، وما كنت أهلا لشيء من ذلك كله... لولا سابغ لطفه، وعظيم امتنانه... فمنه وله وإليه الفضل كله.والصلاة والسلام الأتمان والأكملان على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وبعد..
فإن الناظر في تراث علمائنا الأعلام، خصوصا أهل التفسير والقرآن، يتبين أنهم- رحمهم الله- لم يقفوا عند كلام يحللونه ويستخرجون معانيه وأحكامه، كما وقفوا عند القرآن الكريم: يدرسونه على جميع وجوهه من نحو وبلاغة وفقه.. يخبرون ظاهره وباطنه، ويسبرون غوره، ويتغلغلون في أعماقه. وذلك كله؛ لئلا يفوتهم معنى أو حكم من أحكام الله في قرآنه دون أن يستخرجوه.
وكذلك.. لئلا يستخرجوا من كلام الله غير مراده سبحانه؛ إذ في الأول نقص يلحق أحكام الله، وفي الثاني دخول ما ليس من أحكام الله في مراده.
ومن ثم... أحكم علماء القرآن وسائلهم اللغوية والفقهية.. دققوا وحققوا ما في وسعهم من أصول الاستنباط، وسبل الاجتهاد، في تفسير القرآن الكريم، ومن ثم نشأ ما يسمى ب" علوم القرآن" و" أصول التفسير"، التي هي بمثابة أصول الفقه من الفقه. فكما أن الفقيه يستنبط من النص مستعينا بأصول الفقه، فكذلك المفسّر يستنبط من النص مستعينا بأصول التفسير كي يقطف المعنى من اللفظ.