مقدمة بقلم فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي
رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بجامعة دمشق
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله منزل الكتاب، ومجري السحاب، ومعلّم العلوم والآداب، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على رسولنا المصطفى محمد بن عبد الله، أمين وحي الله، والمستنير بخزائن علم الله، ومبلّغه للأمة والناس كافة، وعلى آله وصحبه الهادين المهتدين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فإن العلم النافع والباقي الأثر، فتح وفتوح وتحصيل، وعلم الشريعة الإسلامية يحتاج لكل هذا، ليتحقق النضج، وتنمو المعارف وتترسخ، ويتحقق الهدف المنشود من العلم، ألا وهو القدوة الحسنة، وإعداد الأمة الإسلامية إعدادا كريما، حضاريا وثقافيا، دنيا وآخرة، ومصدر العلوم النافعة كلها هو كلام الله تعالى، لمن استطاع الاستنارة به، وإدراك معانيه ومقاصده، والإفادة من معينه.
ولا تتحقق الإفادة من كتاب الله عز وجل على الوجه الأمثل إلا بفتح متجدد يغترفه المؤمن من الكلام الإلهي الأزلي الموجّه لبني الإنسان، والفتح لا يكون إلا بفتوح وتوفيق من الله تعالى العلي الأعلى، فبه يتم الفتح وإنارة القلب والعقل، وكل من الفتح والفتوح لا يحصل إلا بتحصيل علوم الشريعة، وإتقانها، للتمكن من الإفادة من كلام الله الذي هو في قمة البلاغة والفصاحة والبيان، والطريق الوحيد لإنقاذ الإنسان.
ولقد كثرت التصانيف حول القرآن الكريم بالمئات لدى علمائنا من السلف الصالح والخلف المعتدل، ولكل عصر أسلوبه وتطلعاته، بحسب المستوى الثقافي والعلمي، وعصرنا يتطلب سهولة الأسلوب وإشراق العبارة، والإيجاز والبعد عن الاستطراد، وتبيان المعاني تبيانا مباشرا وقريب التناول، وشاملا للمطلوب.
والدراسات المعاصرة حول القرآن العظيم مفيدة جدا إذا تميزت بالدقة والشمول وعقد


الصفحة التالية
Icon