النفاق وأُعطِيَ عشرَ حسناتٍ بعدد كلِّ منافقٍ ومنافقةٍ وكان العرشُ وحملتُه يستغفرون له أيامَ حياتِه والله تعالَى أعلمُ
٩ سورة براءة الآية (١)
سورة براءة وهي مدينة وآياتها مائة وتسع وعشرون آية
ولها أسماء أخر سورة التوبة والمقشقشة والبحوث والمنقرة والمبعثرة والمثيرة والحافرة والمخزية والفاضحة والمنكلة والمشردة والمدمدمة وسورة العذاب لما فيها من ذكر التوبة ومن التبرية من النفاق والبحث والتنقير عن حال المنافقين وإثارتها والحفر عنها وما يخزيهم ويشردهم ويدمدم عليهم واشتهارها بهذه الأسماء يقضي بأنها سورة مستقلة وليست بعضا من سورة الأنفال وادعاء اختصاص الاشتهار بالقائلين باستقلالها خلاف الظاهر فيكون حكمة ترك التسمية عند النزول نزولها في رفع الأمان الذي يأبى مقامه التصدير بما يشعر ببقائه من ذكر اسمه تعالى مشفوعا بوصف الرحمة كما رُوي عن ابنِ عيينة رضي الله عنه لا الاشتباه في استقلالها وعدمه كما يحكى عن ابن عباس رضي الله عنهما ولا رعاية ما وقع بين الصحابةِ رضيَ الله عنُهم من الاختلاف في ذلك على أن ذلك ينزع إلى القول بأن التسمية ليست من القرآن وإنما كتبت للفصل بين السور كما نقل عن قدماء الحنفية وأن مناط إثباتها في المصاحف وتركها إنما هو رأي من تصدى لجمع القرآن دون التوقيف ولا ريب في أن الصحيح من المذهب أنها آية فذة من القرآن أنزلت للفصل والتبرك بها وأن لا مدخل لرأي أحد في الإثبات والترك وإنما المتبع في ذلك هو الوحي والتوقيف ولا مرية في عدم نزولها ههنا وإلا لا متنع أن يقع في الاستقلال اشتباه أو اختلاف فهو إما لاتحاد السورتين أو لما ذكرنا لا سبيل إلى الأول وإلا لبينه ﷺ لتحقق مزيد الحاجة إلى البيان لتعاضد أدلة الاستقلال من كثرة الآيات وطول المدة فيما بين نزولهما فحيث لم يبينه ﷺ تعين الثاني لأن عدم البيان من الشارع في موضع البيان بيان للعدم
﴿بَرَاءةٌ﴾ خبرُ مبتدأ محذوفٍ وتنوينه للتفخيم وقرئ بالنصب أي اسمعوا براءةً ومِنْ في قولِه تعالَى
﴿مّنَ الله وَرَسُولِهِ﴾ ابتدائيةٌ متعلقةٌ بمحذوف وقع صفة لها ليفيدَها زيادةَ تفخيمٍ وتهويلٍ أي هذه براءةٌ مبتدأةٌ من جهة الله تعالى ورسوله وصلة
﴿إِلَى الذين عَاهَدْتُمْ مّنَ المشركين﴾ وإنما لم يذكر ما تعلق به البراءة حسبما ذُكر في قوله تعالى إن الله برئ مّنَ المشركين اكتفاءً بما في حيز الصلةِ فإنه منئ عنه إنباءً ظاهراً واحترازاً عن تكرير لفظة من قيل هي مبتدأٌ لتخصصها بالصفة وخبرُه إلى الذين الخ والذي تقتضيهِ جزالةُ النظمِ هو الأولُ لأن هذه البراءةَ أمرٌ حادثٌ لم يُعهَدْ عند المخاطَبين ذاتُها ولا عنوانُ ابتدائِها من الله تعالى ورسولِه حتى يخرُجَ ذلك العنوانُ مخرَجَ الصفةِ لها ويُجعلَ المقصودَ بالذات والعمدةُ في الإخبار شيئاً آخرَ هو وصولُها إلى المعاهَدين وإنما الحقيقُ بأن يعتنى بإفادته حدوثُ تلك