الفصل الخامس عشر: إعجاز القرآن
الإعجاز مأخوذ من «عجز» يقال: عجز عن الأمر، وأعجزت فلانا ألقيته عاجزا، وأعجزه الشيء فاته، والإعجاز الفوت والسبق وجاء في القرآن قوله تعالى: وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أي: ظانين أنهم يعجزوننا، وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ أي: بقادرين على معاندة أمر الله، وقال الزمخشري:
أعجزني فلان إذا عجزت عن طلبه وإدراكه، والمعجزة أمر خارق للعادة مقترن بالتحدي، وقال القاضي عبد الجبار بأنه يتعذر على المتقدمين في الفصاحة فعل مثله في القدر الذي اختص به..
وإعجاز القرآن يعني قدرة القرآن على أن يكون في أعلى درجات التميز والتفوق في الفصاحة والبيان والأحكام بحيث يعجز البشر عن الإتيان بمثله، وقد تحدى العرب به، لأنهم كانوا يعتزون بفصاحتهم وبيانهم، فتحداهم أن يأتوا بمثل القرآن، فإن عجزوا عن ذلك فلا مناص من تسليمهم بأنه كتاب الله المعجز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه..
قال تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء: ٨٨]
وهذه الآية جاءت بعد آيات سابقة تحدى الله بها أفصح الفصحاء في العربية بأن يأتوا بحديث مثله، ثم تحداهم بأن يأتوا بعشر سور مثله، ثم تحداهم بأن يأتوا بسورة من مثله (١).
ولو كان بإمكان العرب أن يأتوا بمثله لما قبلوا هذا التحدي ولما استسلموا له، ولما رضخوا لحكم الله، فلما عجزوا عن كل ذلك أدركوا أن القرآن كلام الله.
أخرج الحاكم عن ابن عباس قال: