الكليات
من دراستنا لمؤلفات المشترك اللفظيّ في الحقل القرآني عرفنا أن بعض الكلمات القرآنية احتملت معنيين أو أكثر، وبعض الكلمات زادت معانيها وكثرت حتى وصل بعضها إلى سبعة عشر معنى مثل كلمة:
«الهدى» ومقياس المشترك اللفظي ينطبق عليها تمام الانطباق، وقد بين السيوطي أن هذه الظاهرة القرآنية من أعظم إعجاز القرآن الكريم حيث كانت الكلمة الواحدة تنصرف إلى عشرين وجها، وأكثر وأقل، ولا يوجد ذلك في كلام البشر (١) ولا شك أن هذه الكلمة الواحدة تحمل معناها اللغويّ أولا، ثم تخرج عنه إلي معاني أخرى حسب ما يقتضيه السياق أو تمليه المواقف ثانيا.
بيد أن هناك لونا آخر من ألوان المشترك اللفظيّ لم تتناوله مؤلفات المشترك اللفظي القرآني، لأنها اقتصرت فقط على الكلمات التي تحتمل معنيين أو أكثر زيادة على المعنى الأصليّ لها.
هذا اللون الآخر هو ما نسمّيه بالكليات، وهو أن الكلمة تحمل معناها، ولا تفارقه في كل المواضع إلّا في موضع واحد، ولهذا فإنني اعتبرت هذه الكليات من قبيل المشترك اللفظيّ، لأن الكلمة تحمل معنيين: معنى أصليا، ومعنى فرعيا فهي إذا لم تخرج عن دائرة المشترك اللفظيّ، غير أنها تختلف عن الألفاظ الأخرى للمشترك اللفظيّ الذي ضمته المؤلفات السابقة، إذ أنّها اهتمت فقط بالكلمة التي تحمل معنيين فأكثر غير المعنى الأصليّ.