بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المؤمنونمكية وآياتها ثماني عشرة ومائة
مقاصدها:
بدأَت هذه السورة ببشارة المؤمنين بالفلاح والخلود في الفردوس، إِذا خشعوا في صلاتهم وحافظوا عليها، وأَعرضوا عن اللغو وأَدوا الزكاة، وحفظوا فروجهم من الفاحشة، وراعوا الأَمانة والعهد.
وعقبت هذه البشرى ببيان منشأ الإِنسان ومآله، وأَنه سبحانه خلق من فوقنا سبع سموات طباقا، وأَنه لا يغفل عن خلقه طرفة عين، ولهذا أَنزل من السحاب ماءً أجراه في مجارى فوق سطح الأَرض، وأَسكن بعضه في جوفها، ليستخرجه الناس وقت الحاجة إليه، وأنه أنشأَ لنا بهذا الماء الزروع والثمار لنأْكل ونتعيش منها، وخلق لنا الأَنعام وجعلها عبرة لنا، فمن بطونها نشرب اللبن، ومن لحومها نأكل، وبمنافعها الكثيرة ننتفع، وعلى الإِبل منها نحمل ثقال الأَحمال، كما نحمل على السفن.
وبينت قصص الأَنبياءِ مع أممهم، وقد جاءَ فيها أن هذه الأمم لم تشكر نعم ربها بتوحيده وعبادتها، بل أَشركت معه غيره من مخلوقاته، فبعث إليها رسله ليهدوهم سواء السبيل، فكذبوهم فعاقبهم الله بعذاب الاستئصال، ونجَّى منه عباده المؤمنين.
وذكرت من أنباء المهلكين: قوم نوح أغرقهم الله بالطوفان، وقوم صالح أهلكهم الله بالصيحة، وفرعون وجنوده، كفروا بموسى وهرون فأَغرقهم في اليم.
وعقبت قصة فرعون معهما ببيان أن الله تعالى جعل ابن مريم وأمه آية، لأَنه ولد منها دون أَب، وأنه تعالى آواهما إِلى ربوة ذات قرار ومعين، وسيأْتى بيان ذلك في الشرح، وأنه شرع للرسل وأممهم أَن يأْكلوا من الطيبات، ويتركوا ما حرمه الله عليهم، وأَن جميع الأُمم أمة وديانة واحدة هي توحيد الله، وأصول الشرائع والأحكام - وإِن اختلفت في الفروع -