سورة القصص
من السور المكية، وآياتها ثمان وثمانون، ووجه مناسبتها لما قبلها أنها تشتمل على شرح بعض ما أُجمل في قصة موسى في سورتى الشعراء والنمل، وقد روى عن ابن عباس وجابر بن زيد أن الشعراء نزلت ثم النمل ثم القصص.
وقد ذكر الله في السورة السابقة سؤال الكفار يوم القيامة على جهة التوبيخ، وفي هذه السورة سؤالهم وتوبيخهم بما هو أوسع مما جاء في سورة النمل، كما ذكر هنا في أمر الليل والنهار أكثر مما ذكر هناك، إلى غير ذلك من المناسبات.
مقاصدها:
اشتملت هذه السورة المباركة على التنويه بآيات القرآن المبين، وحكاية ما حدث لقوم موسى من جبروت فرعرن، حيث كان يذبح أبناءهم ويستبقى بناتهم، وأنه - تعالى - شاء إنقاذهم من هذه المحنة فنجى موسى من القتل، حيث ألهم أُمه أن تصنع له تابوتًا وتلقيه في النيل ففعلت، فدفعته المياه إلى قصر فرعون، فالتقطه آله ليكون لهم عدوًّا وحزنًا، وليخلص بني إسرائيل من ظلم فرعون وأعوانه ويجعل هلاكه وجنوده على يد من رباه في كنفه، وقد ربط الله على قلب أُمه فصبرت، وفرحت به امرأة فرعون وأوصت بعدم قتله قائلة: ﴿لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ وأوصت أمه أُختًا له أن تتبع أثره ففعلت، وحرم الله عليه المراضع فقالت أخته لأهل فرعون: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ فقبلوا نصيحتها، فرده الله بذلك إلى أمه: ﴿كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ﴾.
ولما بلغ أشده آتاه الله حكمًا وعلما، وجعل من همه إنصاف بني إسرائيل: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ﴾ واستغفر ربه من ذلك فغفر له: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِين﴾.