سورة الحاقة
هذه السورة الكريمة مكية وآياتها إِحدى وخمسون آية والدليل على أَنها نزلت من مكة المكرمة ما أَخرجه الإِمام أَحمد عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: خرجت أَتعرض لرسول الله ﷺ قبل أَن أُسلم فوجدته قد سبقني إِلى المسد، فوقفت خلفه فاستفتح سورة الحاقة، فجعلت أَعجب من تأَليف القرآن وقلت: هذا والله شاعر، فقال الرسول: (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ) قلت: كاهن، فقال: (وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ. تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ.. ) إِلى آخر السورة، فوقع الإِسلام في قلبي كل موقع.
مناسبة هذه السورة لما قبلها:
جاءَ في سورة (نون) ذكر يوم القيامة مجملًا في قوله تعالى: (وَلَعَذَابُ الآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ* إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) فبيَّن - سبحانه - في هذه السورة الكريمة نبأَ ذلك اليوم وشأنه العظيم، وذكر أَحوال أُمم كذبوا رسلهم - عليهم السلام - وما أَصاب هؤلاءِ الأَقوام بسبب ذلك التكذيب من التنكيل والعذاب؛ ليزدجر ويرتدع المكذبون المعاصرون له - عليه الصلاة والسلام -.
بعض مقاصد السورة:
١ - بدأَت بذكر صفة القيامة على صورة تبعث في النفوس الهيبة والخوف والفزع منها قال تعالى (الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ).
٢ - تحدثت عن أَقوام من السابقين - عاد وثمود وفرعون ومن قبله وقوم لوط - وقد بلغوا في البغي والطغيان غايته - قد نكل بهم فأَبادهم وجعل بعضهم أَثرًا بعد عين، وبعضًا آخر ليس لهم من باقية ولا أَثر.
٣ - جاءَ فيها ذكر بعض نعم الله على الإِنسان وأَنه نجَّاه يوم لا عاصم من أَمر الله إِلاَّ من رحم، وذلك للتذكرة والاعتبار، قال تعالى: (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً).