سورة الروم ١ ٤
مكية إلا قوله فسبحان الله الآية وهى ستون آية بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
﴿الم﴾ الكلامُ فيه كالذي مرفى أمثالِه من الفواتحِ الكريمةِ
﴿غُلِبَتِ الروم﴾ ﴿فِى أَدْنَى الارض﴾ أي أدنى أرضِ العربِ منهم إذ هيَ الأرضُ المعهودةُ عندهم وهي أطراف الشَّامِ أو في أدنى أرضِهم من العربِ على أنَّ اللامَ عوضٌ عن المضافِ إليهِ قال مجاهدٌ هي أرضُ الجزيرةِ وهي أدْنى أرضِ الرُّومِ إلى فارسَ وعن ابن عباس رضي الله عنهما الأردنُّ وفلسطينُ وقُرىء أدانِي الأرضِ ﴿وَهُمْ﴾ أي الرُّوم ﴿مّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ﴾ أي من بعد مغلوبيَّتهم وقُرىء بسكونِ اللامِ وهي لغةٌ كالجَلَب والجَلْب ﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ أي سيَغلِبون فارسَ
﴿فِى بِضْعِ سِنِينَ﴾ رُوي أنَّ فارسَ غَزَوا الرُّومَ فوافَوهم بأَذْرِعَاتٍ وبُصرَى وقيل بالجزيرةِ كما مرَّ فغلبوا عليهم وبلغ الخبرُ مكَّة ففرح المشركون وشمِتُوا بالمسلمينَ وقالوا انتم والنصارى واهل كتابٍ ونحن وفارسُ أميُّون وقد ظهر إخوانُنا على إخوانِكم فلنظهرنَّ عليكم فقال أبُو بكرٍ رضيَ الله عنه لا يقْرِرِ الله أعينَكم فو الله ليظهرنَّ الرومُ على فارسَ بعد بضعِ سنين فقال له أُبيُّ بنُ خَلَف اللَّعينُ كذبتَ اجعل بيننا اجلا انا حبك عليه فناحبَه على عشرِ قلائصَ من كلَ منهُما وجعلا الأجلَ ثلاثَ سنينَ فأخبربه أبُو بكرٍ رسولَ الله ﷺ فقالَ البِضْعُ ما بين الثَّلاثِ إلى التِّسعِ فزيدُوه في الخطرِ ومادِّه في الأجلِ فجعلاها مائةَ قلوصٍ إلى تسعِ سنينَ ومات أبيُّ من جرحِ رسولِ الله ﷺ وظهرتِ الرُّوم على فارسَ عند رأسِ سبعِ سنينَ وذلك يومَ الحديبيةِ وقيل كانَ النَّصرُ للفريقينِ يومَ بدرٍ فأخذَ أبُو بكر الخَطَر من ذريَّةِ أبيَ فجاء به رسولَ الله ﷺ فقالَ تصدَّق به وكانَ ذلك قبلَ تحريمِ القِمارِ وهذه الآياتُ من البيِّناتِ الباهرةِ الشَّاهدةِ بصحَّةِ النُّبوةِ وكونِ القرآنِ مِنْ عندِ الله عزَّ وجلَّ حيثُ أخبرتْ عن الغيبِ الذي لا يعلمُه إلا العليمُ الخبيرُ وقُرىء غَلَبت على البناءِ للفاعلِ وسيُغلبون على البناءِ للمفعولِ والمعنى أنَّ الروم


الصفحة التالية
Icon