تفسير سورة النساء

بسم الله الرحمن الرحيم

١ - ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ﴾ قال ابن عباس: الخطاب لأهل مكة (١).
وقوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ أنثها على لفظ النفس وإن عَنَى به مُذَكَّرا كما قال:
أبُوكَ خَلِيفةٌ وَلَدَتْه أُخْرى وأَنْت خَلِيفةٌ ذاكَ الكَماَل (٢)
وعنى بالنفس الواحدة آدم (٣).
(١) لم أجد هذا القول بنصه لابن عباس في تفسير هذه الآية، لكن قال ابن الجوزي: اختلفوا في نزولها على قولين: أحدهما: أنها مكية، رواه عطية عن ابن عباس. والثاني: أنها مدنية، رواه عطاء عن ابن عباس. "زاد المسير" ٢/ ١، وقد ذهب كثير من العلماء والمفسرين -ومنهم ابن عباس- إلى أن كل شيء نزل فيه ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ فهو بمكة، وكل شيء نزل فيه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فهو بالمدينة. انظر "البرهان" ١/ ١٨٩، ١٩٠. فلعل المؤلف ساق هذا الرأي لابن عباس بمعناه. هذا وقد رجح المحققون من العلماء أن سورة النساء مدنية. انظر "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ١، "الإتقان" ١/ ١٦، ٢٢. قال القرطبي: ومن تبين أحكامها علم أنها مدنية لا شك فيها. وأما من قال: إن قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ مكي حيث وقع فليس بصحيح فإن البقرة مدنية وفيها قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ في موضعين، والله أعلم.
(٢) لم أعرف قائله، وهو غير منسوب في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٠٨، "تفسير الطبري" ٤/ ٢٢٤، "لسان العرب" (خلف) ٢/ ١٢٣٥. والشاهد من البيت أن التأنيث يقع على اللفظ. قال الفراء: فقال (أخرى) لتأنيث اسم الخليفة، والوجه أن يقول: ولده آخر. "معاني القرآن" ١/ ٢٠٨.
(٣) هذا تفسير ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي، وهو ظاهر. انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٢٢٤، "تفسير البغوي" ٢/ ١٥٩، "الدر المنثور" ٢/ ٢٠٦.


الصفحة التالية
Icon