تفسير سورة إِبراهيم

بسم الله الرحمن الرحيم

١ - ﴿الر﴾ قال ابن عباس في رواية أبي صالح: أنا الله أرى (١)، وقال في رواية أبي صالح وعطاء: أنا الله الرَّحمن (٢)، وعلى هذا التفسير
(١) ورد في "تفسير الطبري" ١١/ ٧٩، ١٣/ ٩١ في رواية أبي الضحى عن ابن عباس بنصه، والسمرقندي ٢/ ٨٧ بنصه، وانظر: "تفسير البغوي" ٤/ ١١٩.
(٢) انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤، وورد بلا نسبة في "تفسير أبي حيان" ٥/ ١٢١. خلاصة القول في الحروف المقطعة في أوائل السور: تباينت أقوال العلماء في هذه الحروف، ولهم فيها اتِّجاهان: الاتجاه الأول: أنها سر الله في القرآن، وبالتالي هي مما استأثر الله بعلمه، فهي من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، وبالتالي لا ينبغي التكلم فيها، وقد نُسب هذا القول إلى الخلفاء الراشدين وبعض الصحابة رضي الله عنهم بروايات ضعيفة - كما قال ابن عاشور في تفسيره (١/ ٢٠٧) وممن أيّد هذا القول أبو حاتم، وقال: لم نجد الحروف في القرآن إلا في أوائل السور، ولا ندري ما أراد الله -عز وجل-، وإلى هذا مال الشوكاني. انظر: "تفسير الشوكاني" ١/ ٥٠ - ٥١. الاتجاه الثاني: أنها معلومة ولها معاني، ولم ينزلها الله عبثاً، ومن أنصار هذا الرأي الذين أطالوا النقاش حولها الفخر الرازي رحمه الله؛ ذكر إحدى وعشرين قولاً، وناقش معظمها وأيّد وعارض، ثم ترجح له أنها أسماءٌ للسور، وأورد ستة إشكالات على هذا القول، ثم ناقشها وردها جميعاً. انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢/ ٢ - ١٢، وكذلك الطاهر بن عاشور أطال الحديث عنها في تفسيره "التنوير والتحرير" ١/ ٢٠٦ - ٢١٨، وقد سلك سبل السبر والاستقصاء، فحذف المتداخلات، ووحد المتشابهات، ثم خلص إلى واحد وعشرين قولاً، قسمها إلى ثلاث مجموعات، ثم ناقشها وأورد عليها الإشكالات ليخلص إلى ثلاثة أقوال، هي: أنها حروف جاءت لتبكيت المعاندين وتسجيل عجزهم عن المعارضة. أنها أسماءٌ للسور الواردة فيها؛ ألم السجدة، حم السجدة. أنها =


الصفحة التالية
Icon