وهو اختيار الزجاج؛ قال: هذا خاص فيمن كفر (١)، وقابل كشف الضّر عنه بالجحود والكفر.
٥٥ - قوله تعالى: ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ﴾، أي: ليجحدوا نعمة الله في كشف الضرّ عنهم، واللام هاهنا يحتمل أن تكون لام كي (٢)، ويكون المعنى: أنهم أشركوا بالله غيره ليجحدوا نعمته، فاللام بيان عما هو بمنزلة العلة التي يقع لأجلها الشرك، وهؤلاء أشركوا بالعبادة ليكفروا النعمة (٣)، ويحتمل أن تكون اللام للعاقبة (٤)، ويكون المعنى: أنهم جعلوا ما رزقناهم وأنعمنا به عليهم سببًا إلى الكفر، كما قلنا في قوله: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ﴾ إلى قوله: ﴿لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ﴾ [يونس: ٨٨]، وقد مر، وذكر أبو إسحاق الوجهين أيضًا في اللام هاهنا (٥).
وقوله تعالى: ﴿فَتَمَتَّعُوا﴾ لفظ أمر لتهدد؛ كقوله: ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا﴾ [الإسراء: ١٠٧]، ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾: عاقبة أمركم وما ينزل بكم من العذاب.
٥٦ - قوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ﴾ يعني الأوثان؛ لا يعلمون ضرًّا ولا نفعًا، ومفعول العلم هاهنا محذوف، والتقدير: لما لا يعلمون له

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٠٤، بنصه.
(٢) انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٥٢، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١١٥، والخازن ٣/ ١١٩، وابن كثير ٢/ ٦٣٠.
(٣) ورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٣٩٢، بنحوه.
(٤) انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٥٢، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١١٥، والخازن ٣/ ١١٩، وابن كثير ٢/ ٦٣٠.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٠٤ باختصار.


الصفحة التالية
Icon